للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا ينبغي لأحد أن يغتر بنفسه ولا يثق إلى ما يظنّ منها من صلابة دينه وقوّة إيمانه، فإنّ من خالف حدود الله تعالى ونظر إلى ما منعه الشرع من النظر إليه نُزعت منه العصمة ووكّل إلى نفسه وكيف يغتر عاقل بذلك وقد علم ما ابتلي به داود نبيّ الله وهو أعبد البشر من أهل زمانه ونبيّ من أنبياء الله تعالى يأتيه خبر السّماء وتختلف إليه الملائكة بالوحي، ومع ذلك وقع في الذنب بسبب نظرة نظرها (١) وبعض عباد بني إسرائيل عبد الله تعالى سبعين عامًا، ثم نظر إلى امرأة فافتتن بها وبرصيص العابد كان هلاكه بسبب النظر والنبي عليه السلام لعليّ رضي الله عنه "لا تتّبع النظرةَ النظرة، فإنّما الأولى [لك] وليس لك الثانية" (٢)، وهو من سادات هذه الأمة ومحلّه من الدين والعلم والمعرفة بالله تعالى وبحقّه وبحدوده وحرماته بمكان، فمن أنت أيّها المغرور الجاهل بنفسه انظر أين أنت من هؤلاء المذكورين، وقد روى أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه السلام: "ما تركتُ فتنةً بعدي أضرّ على الرجال من النساء" (٣) [ق ١٢٢ / ب] وقد جاء في الأثر: "النظرة سهم مسموم من سهام إبليس" (٤)


(١) يذكر المفسرون نحو هذه القصص عند قوله تعالى: (وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ) الآيات، وقال ابن كثير: " قد ذكر المفسرون هاهنا قصة أكثرها مأخوذ من الإسرائيليات ولم يثبت فيها عن المعصوم حديث يجب إتباعه ... ".
(٢) حسن لغيره - أخرجه أحمد في "مسنده" (٢/ ٤٦٤) (٢٧٥١)، والدارمي في "سننه" (٣/ ١٧٧٩) (٢٧٥١)، وغيرهما من طريق حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن سلمة بن أبي الطفيل، عن علي رضي الله عنه به، وفيه عنعنة ابن إسحاق وهو مدلس، وللحديث شاهد من حديث بريدة عند أحمد وأبي داود يتقوى به.
(٣) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٧/ ٨) (٥٠٩٦)، ومسلم في "صحيحه" (٤/ ٢٠٩٧) (٢٧٤٠) من طريق سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن أسامة بن زيد رضي الله عنه به.
(٤) ضعيف جدا ورد مطولا بنحوه عن جماعة من الصحابة: فورد عن ابن عمر عند أبي نعيم في "الحلية" (٦/ ١٠١) بسند فيه أبو مهدي سعيد بن سنان، قال عنه في "التقريب": " متروك، و رماه الدارقطنى و غيره بالوضع" .. ورواه القضاعي في "مسند الشهاب" (١/ ١٩٦) (٢٩٣) من طريق أبي حمد عبد الرحمن بن عمر التجيبي، أبنا أحمد بن محمد بن زياد، ثنا إبراهيم، يعني ابن سليمان، ثنا أرطاة بن حبيب، ثنا هشيم، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن محارب بن دثار، عن ابن عمر مطولا بنحوه، وفيه إبراهيم بن سليمان ضعفه الدرقطني، وهشيم مدلس وقد عنعنه، وفيه أيضا عبدالرحمن بن إسحاق وهو الواسطي قال عنه الذهبي في "الكاشف" ك "ضعفوه"، وقال عنه ابن حجر: "ضعيف".
وورد من حديث حذيفة: فروى الخرائطي في "اعتلال القلوب" (ص/١٣٧) (٢٧٣)، والحاكم في "المستدرك" (٤/ ٣٤٩) (٧٨٧٥)، والقضاعي في "مسند الشهاب" (١/ ١٩٥) (٢٩٢) من طريق إسحاق بن عبدالواحد عن هشيم بنفس الإسناد السابق إلا أنه قال عن صلة عن حذيفة، وإسحاق بن عبد الواحد ذكره ابن حبان في الثقات، وقال عنه أبو على الحافظ النيسابورى: متروك الحديث. و قال الخطيب ـ بعد أن روى من طريق عبد الرحمن بن أحمد الموصلى عنه عن مالك خبرا باطلا ـ: الحمل فيه على عبد الرحمن، و إسحاق بن عبد الواحد لا بأس به. و قال صاحب " الميزان ": بل هو واه. وفيه أيضا عنعنة هشيم وضعف الواسطي كما سبق.
وورد من حديث ابن مسعود فروى الطبراني في "الكبير" (١٠/ ١٧٣) (١٠٣٦٢) من طريق أحمد بن زهير التستري قال: قرأنا على محمد بن حفص بن عمر الضرير المقرئ، ثنا يحيى بن أبي بكير، ثنا هريم بن سفيان، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود مطولا بنحوه، ومداره على عبدالرحمن بن إسحاق الواسطي أيضا.
وورد أيضا من حديث أنس عند ابن الجوزي في "ذم الهوى" (ص/٩١) بسند فيه عبدالعزيز بن عبدالرحمن الجزري قال أحمد اضرب على احاديثه فإنها كذب أو قال موضوعه وقال النسائي ليس بثقة وقال الدارقطني منكر الحديث.
وورد من حديث علي عند الخرائطي في "إعتلال القلوب" (ص/١٣٧) (٢٧٤) ومن طريقه ابن بشران في "أماليه" (ص/٣٣) (٢٤) بسند فيه عنبسة بن عبدالرحمن القرشي قال عنه الذهبي في "الكاشف": "قال البخاري: "تركوه". وقال ابن حجر: "متروك رماه أبو حاتم بالوضع".
وعليه فالنفس لا تطمئن إلى نسبة هذا القول للنبي صلى الله عليه وسلم.

<<  <   >  >>