للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دائم الفكر، رقيق القلب، سريع الدمعة (١)، وكان عليه السلام يحبّ الطيب ويكره الروائح الكريهة يتألف أهل الشرف، ويكرم أهل الفضل، ولا يطوي بِشْرَه عن أحدٍ ولا يجفوا عليه، يرى اللعب المباح ولا ينكره، ويمزح ولا يقول لاحقًا، ويقبل معذرة المعتذر إليه له عبيد وإماء لا يرتفع عليهم في مأكل ولا ملبس لا يمضي له وقت إلا في عمل لله عز وجل، وفيما لا بدّ له ولأهله منه ورعى عليه السلام الغنم، وقال: ما من نبي إلا وقد رعاها، وسئلت أم المؤمنين [ق ٧ /أ] عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: "كان خلقه القرآن يغضب لغضبه، ويرضى لرضاه" (٢).


(١) قال ابن القيم في "زاد المعاد" (١/ ١٨٣): "وأما بكاؤه صلى الله عليه وسلم فكان من جنس ضحكه لم يكن بشهيق ورفع صوت كما لم يكن ضحكه بقهقهة ولكان كانت تدمع عيناه حتى تهملا ويسمع لصدره أزيز وكان بكاؤه تارة رحمة للميت وتارة خوفا على أمته وشفقه عليها وتارة من خشية الله وتارة عند سماع القرآن وهو بكاء اشتياق ومحبة وإجلال مصاحب للخوف والخشية ولما مات ابنه إبراهيم دمعت عيناه وبكى رحمه له ... وبكى لما شاهد إحدى بناته ونفسها تفيض وبكى لما قرأ عليه ابن مسعود سورة النساء وانتهى فيها إلى قوله تعالى {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} [النساء: ٤١] وبكى لما مات عثمان بن مظعون وبكى لما كسفت الشمس وصلى صلاة الكسوف وجعل يبكي في صلاته وجعل ينفخ ويقول رب ألم تعدني ألا تعذبهم وأنا فيهم وهم يستغفرون ونحن نستغفرك وبكى لما جلس على قبر إحدى بناته وكان يبكي أحيانا في صلاة الليل ".
(٢) إسناده ضعيف بهذا التمام – أخرجه الطبراني في "الأوسط" (١/ ٣٠) (٧٢) من طريق أحمد بن إبراهيم قال: نا سليمان بن عبد الرحمن قال: نا الحسن بن يحيى الخشني قال: نا زيد بن واقد، عن بسر بن عبيد الله، عن أبي إدريس الخولاني، . عن أبي الدرداء قال: سألت عائشة عن خلق، رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرته، وهذا إسناد ضعيف فيه لحسن بن يحيى صدوق كثير الغلط، والحديث بدون الزيادة الأخيرة أخرجه مسلم في صحيحه" (١/ ٥١٢) (٧٤٦) من حديث عائشة مطولا بنحوه.

<<  <   >  >>