وصح وثبت عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:"ما مسست حريرًا ولا ديباجًا ألين من كفّ رسول الله عليه السلام، ولقد خدمت رسول الله عشر سنين فما قال لي عن شيءٍ فعلته لم فعلت كذا وكذا"(١). وكذا قد جمع الله عز وجل له كما قال الأخلاق ومحاسن الأفعال، وآتاه علم الأولين والآخرين وما فيه النجاة والفوز وهو أمّي لا يقرأ ولا يكتب ولا معلّم له من البشر نشأ في بلاد الجهل والصحاري آتاه الله ما لم يؤت أحدًا من العالمين، واختاره على الأولين والآخرين، فصلوات الله عليه وعلى جميع إخوانه من النبيّين والمرسلين وعلى آله وأصحابه الطيّبين الطاهرين صلاة دائمة إلى يوم الدين، ألا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الميزان الأكبر، عليه تعرض الأشياء على خُلقه وسيرته وهديه، فما وافق فهو الحق وما خالف فهو الباطل، ألا فمتى وجدتم من علمائكم وعبادكم وغيرهم من المشايخ والفقراء من تشبه بأخلاق نبيكم صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم وسيرتهم فيما يقولون ويفعلون لله عزّ وجل في مواعظهم وفي محاسنهم، فاعلموا أنه متبع صادق وإلا فمبتدع منافق مخالف البُعد عنهم والحذار الحذار منهم، وأقول شعراً:
اسلك طريق الصالحين [ومَنْ هُمُ] ... مِنْ سادة العلماء والأخيار
واجهد لهم في الاتباع مجانبًا ... مهما حييت مسالك الأغيار
وكن الحريص [ق ٧ / ب] على سلوك طريقهم ... وعلى مسير القوم بالسيار
وإذا رأيت مخالفًا لطريقهم ... فانكر عليه بمعظم الإنكار
وكن المحذر من قبيح فعاله ... للمؤمنين النفع بالتذكار
واهجر لكل مذبذبٍ في بدعة ... بمحبة الإبداع في الإسكار
(١) صحيح - أخرجه الترمذي في "سننه" (٣/ ٤٣٦) (٢٠١٥)، وقال: "حسن صحيح"، وأحمد في مسنده" (٢/ ٣١٠) (١٣٧٩٧)، وابن عساكر في "معجمه" (١/ ٤٦٣) (٥٥٧)، وغيرهم من طرق عن ثابت عن أنس بنحوه، وكلا طرفيه في الصحيح من حديث أنس.