للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنهم: أكثرتَ من الدعاء بالموت حتى خشيتُ أن يكون أشهى لك عند أوان نُزوله، فماذا مللت من أمّتك إمّا تعين صالحًا أو تقوم فاسدا. قال يا ابن عباس: إني قائل لك قولاً وهو إليك، قال: قلت لن يعدوني. فقال: كيف لا أحب فراقهم وفيهم ناس كلٌّ فاتح فاه للهوة (١) من الدنيا إمّا بحق لا ينوء به أو باطل لا يناله ولولا أني أسأل عنهم لهربت منهم فأصبحت الأرض مني بلاقع (٢)، فمضيت لشأني وما قلت ما فعل الفاعلون (٣). وعن ابن المسيّب أنه قال: لما نزل عمر رضي الله عنه البطحاء جمع كومة من بطحاء فبسط عليها رداءه، ثم اضطجع ورفع يديه وقال: اللهم كبرت سنتي، ورقّ عظمي وضعفت قوّتي، وخشيت الانتشار من رعيتي فاقبضني إليك غير عاجز ولا مضيّع، ثم قدم مدينة فما انسلخ الشهر حتى مات رحمة الله عليه ورضوانه (٤).


(١) قال ابن الأثير في "النهاية": " اللهوة بالضم: العطية، وجمعها: لهى. وقيل: هي أفضل العطاء وأجزله".
(٢) قال ابن الأثير: " البلاقع جمع بلقع وبلقعة وهي الأرض القفر التي لا شيء بها، يريد أن الحالف بها يفتقر ويذهب ما في بيته من الرزق. وقيل هو أن يفرق الله شمله ويغير عليه ما أولاه من نعمه، وصفها بالجمع مبالغة".
(٣) إسناده ضعيف – أخرجه الخطابي في "العزلة" (ص/٧٧) من طريق محمد بن علي قال: حدثنا ابن دريد قال: حدثنا أبو حاتم، عن أبي عبيدة قال فذكره، وابن دريد، وهو محمد بن الحسن، قال الدارقطني: تكلموا فيه. كما أنه معضل فأين أبي عبيدة معمر بن المثني (توفي ٢٠٨ هـ) من عمر.
(٤) حسن لغيره – أخرجه مالك في " الموطأ" (٢/ ٨٢٤) (١٠)، وابن أبي الدنيا في "مجابو الدعوة" (ص/٢٩) (٢٤)، وابن ا [ي عاصم في "الآحاد والمثاني" (١/ ١٠٧) (٩٠)، والحاكم في "المستدرك" (٣/ ٩٨) (٤٥١٣)، وغيرهم من طرق عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب بنحوه، وفي سماع سعيد من عمر خلاف، وقد روي الأثر من طرق أخرى عن عمر فرواه أحمد في "فضائل الصحابة" (١/ ٣٩٨) (٦٠٨) من طريق محمد بن عبد الله أبي عون عن عمر بنحوه مطولا، وهو منقطع بينهما، وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" (٣/ ٣٣٥) من طريق الحسن البصري عن عمر مختصرا بنحوه وهو منقطع أيضا، والأثر حسن بمجموع الطرق.

<<  <   >  >>