للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالتنفس مقتديًا بتنفسه وتفرجه بزيني الخلفاء وشريفي الشرفاء وسيدي الغرباء ونجيبي النجباء وعالمي العلماء عمر بن الخطاب وعلي رضي الله عنهما رضاءً دائمًا دوام الأرض والسماء لما ذكرناه عنهما ولما برز علي رضي الله عنه إلى الجبانة مع كميل متنفسًا، وذلك ما روي عن كميل بن زياد النخعي رحمه الله قال: أخذ الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه بيدي فأخرجني إلى الجبان، فلما أصحرنا جلس ثم تنفّس ثم قال: يا كميل احفظ عني ما أقول لك: القلوب أوعية وخيرها أوعاها الناس ثلاثة: عالم ربّاني، ومتعلم على سبيل النجاة وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجؤا إلى ركن شديد، العلم خير من المال، العلم يحرسُكَ وأنت تحرس المال، والعلم يزكوا على العمل والمال تُنْقِصُه النفقة، محبة العالم دين يُدَانُ بها في حياته، وجميل الأحدوثة بعد موته، العلم حاكم والمال محكوم عليه وصنيعة المال تزول بزواله، مات خُزّان المال وهم أحياء والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة، هاه، إنّ هاهنا - وأشار بيده إلى صدره علمًا - لو أصبت له حملة (١) بل أصبته لقنًا غير مأمون عليه يستعمل [ق ٨ / ب] آلة الدين للدنيا يستظهر بحجج الله على كتابه، وبنعمه على عباده، أو منقاد لأهل الحق لا بصيرة له في إحيائه، يقتدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة لا ذا ولا ذاك، أو منهوم باللذات، سلس القياد للشهوات، أو مغرى بجمع المال والادخار، بما يكون عليه بعد موته وبال، ليسا من دعاة (٢) الدين، أقربُ شبهاً بهم الأنعام السائمة، كذلك يموت العلم بموت حامليه، اللهم بلى لن تخلو الأرض من قائم بحجة الله؛ لكيلا تبطل حجج الله وتبيانه، أولئك الأقلون عدداً، الأعظمون عند الله أجرًا، بهم يدفع الله عن حججه حتى يؤدّونها إلى نظرائهم، ويزرعوها في قلوب أشباههم، بهم هجم العلم على حقيقة الأمر، فاستهلوا ما استوعر (٣)


(١) بالأصل: جملة، وما أثبتناه هو الموافق لما في كتب التخريج.
(٢) بالأصل: عادة، والصواب ما أثبتناه.
(٣) أي ما عدَّوه أو وجدوه وعِرًا، يصعب فهمه عليهم ..

<<  <   >  >>