ما أعظم مصائب المسلمين في الدين وقلّ في ذلك المفكّرون ولو أن رجلاً عاقلاً أنعم النظر في الإسلام وأهله لعلم أن أمور النّاس كلّها تمضي على سنن أهل الكتابين وطريقتهم وسنة كسرى وقيصر وعلى ما كان عليه أهل الجاهلية، فما من طبقة من الناس ولا صنف منهم إلاّ وهم في سائر أمورهم مخالفون لشرائع الإسلام وسنة [ق ١٥ / ب] الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام ومضاهون فيما يفعلون أهل الكتابين والجاهلية، فإن من صرف بصره إلى السلطنة وأهلها وحاشيتها ومن لاذ بها من حكّامها وعمّالها وجد الأمر فيهم بالضدّ مما أمروا به ونصبوا له في أفعالهم وأحكامهم وزيّهم ولباسهم، وكذلك هو في سائر الناس من التجار والسوقة وأبناء الدنيا وطالبيها من الزّراع والصنّاع والأجراء والفقهاء والعلماء إلا من عصمه الله عز وجل ومتى فكرت في ذلك وجدت الأمر كما أخبرتك في المصائب والأفراح والزّيّ واللباس والآنية والأبنية والمساكن والخدّام والمراكب والولائم والأعراس والمجالس والفرش والمآكل والمشارب وكلّ ذلك يجري بخلاف الكتاب والسنة بالضّدّ ممّا أمر به وندب إليه المؤمنون، وكذلك من باع واشترى وملك واقتنى وآجر واستأجر وزرع وزارع، فمن طلب السلامة لدينه في وقتنا هذا مع الناس عدمها ومن أحبّ أن يلتمس معيشته حكم الكتاب والسنة فقدها وكثر خصماؤه وأعداؤه ومخالفوه ومبغضوه فيها. الله المستعان فما أشد [ق ١٦ /أ] تعذّر السلامة في هذا الزمان فطرقات الحقّ خالية مقفّرة موحّشة لعدم سالكيها قد اندفنت محاجّها وتهدّمت صواياها وأعلامها، وفقد أدلاؤها، وقد وقفت شياطين الإنس والجنّ