للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آخر (١):

تَصَوَّفَ وازْدَهَى بِالصُّوفِ جَهْلًا ... وَبَعْضُ النَّاسِ يَلْبَسُهُ مَجَانَة (٢)

يُرِيك مَهَانَةً ويُجِنُ كِبْرًا ... وَلَيْسَ الْكِبْرُ مِنْ شَأْنِنا مَجَانَة (٣)

تَصَوَّف [كي] يُقَالَ لَهُ أَمِينٌ ... ومَا مُعين تَصَوّفه الْأَمَانَهْ (٤)

وَلَكِنْ قد أَرَادَ بِه معاشا ... وشعبدة المُشَعْبِد (٥) والكهانة (٦)

وَلَمْ يُرِدْ الْإِلَهَ بِه وَلَكِنْ ... أَرَادَ بِه الطَّرِيقَ إلَى الْخِيَانَهْ

وقال آخر (٧):

ليس التصوّف لبس الصوف ترقعه ... ولا بكاؤك إن غنى المغنّونا

ولا صياحًا ولا رقصًا ولا طربًا ... ولا تَغاش كأن قد صرت مجنونا

بل التصوف أن تصفو بلا كدر ... وتتبع الحقّ والقرآن والدينا

وأن تُرى لله خاشعاً بكيئًا ... على ذنوبك مهما عشت محزونًا

ولا تكن محدثًا في ديننا حدثًا ... بعدًا لمن أظهر الأحداث المغنّونا

وقال آخر:

لبستَ الصوف مرقوعًا، وقلتا ... أنا الصوفي ليس كما نقلتا

وما التصوف لبس الصوف، لكن ... زان لك الهوى ما قد زعمتا


(١) وهي لمحمود الوراق، وهو: محمود بن حسن الوراق أبو الحسن. شاعر عباسي مشهور من شعراء القرنين الثاني والثالث المرموقين، وقد ذكر أنه كان مولى لبني زهرة وهو شاعر من بغداد لذلك علق به لقب البغدادي. وأكثر شعره في المواعظ والحكم وقد اشتهر بلقبين أحدها الوراق والآخر النخاس فأما الوراق فهو الناسخ بالأجرة ولعلها مهنة عمل بها. وأما اللقب الآخر النخاس فقد جاء من المهنة كذلك قال البغدادي: وقد كان نخاساً يبيع الرقيق وكان له رقيق. توفي عام ٢٢٠ هـ.
(٢) وفي الحاشية: المجان بالفتح، وتشديد الجيم: بلا بدل.
(٣) كذا بالأصل، والصواب في الشطر الثاني: وَلَيْسَ الْكِبْرُ مِنْ شَكلِ المَهانة
(٤) كذا بالأصل والأقرب أن يقال:
تصنع كي يقال له أمين ... وما معنى التصنع للأمانة
(٥) أي: الهازِيء.
(٦) وفي الحاشية: الكهانة يعني كاهن، وجمع كهان وكهنة.
(٧) وهي لأبي عبد الله محمد بن الحسن ابن الطوبي الكاتب صاحب ديوان الإنشاء، عالم بالرسائل، جامع للفضائل، أربى في النحو على نفطويه. وفي الطب على ابن ماسويه، وكلامه في نهاية الفصاحة، وشعره في غاية الملاحة. وله "مقامات" تزري "بمقامات البديع" وإخوانيات كأنها زهر الربيع، مع خط كالطرز المعلمة، والبرود المثمنة. وكان الشعر طوع عنانه، وخديم جنانه. انظر " الدرة الخطيرة في شعراء الجزيرة".

<<  <   >  >>