للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثامن علي الرضا يتذمَّر من أتباعه بإلحاحهم عليه بالإذن في نكاح المتعة، وكان سبب عدم إذنه لهم خشيته من نساء الشيعة أن يكفرن ويلعن من أباح المتعة لانشغال رجالهن بالمتعة عنهن؛ فقد كتب أبو الحسن عليه السلام إلى بعض مواليه: «لا تلحوا على المتعة، إنما عليكم إقامة السنة فلا تشتغلوا بها عن فرشكم وحرائركم، فيكفرن ويتبرَّين ويدعين على الآمر بذلك ويلعنونا» (١). ونجد إماهم المعصوم زجر السائل عن المتعة وهو متزوج زواجًا دائمًا؛ فعن علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن المتعة؛ فقال: «ما أنت وذاك قد أغناك الله عنها» (٢)، وهذا الإمام الصادق لم يكتفِ بالزجر والتوبيخ لأصحابه في ارتكابهم لهذه المتعة كما رأينا سابقًا، بل إنه صرَّح بتحريمها؛ عن عمَّار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام لي ولسليمان بن خالد: «قد حرمت عليكما المتعة» (٣)!!

ولقد أقرَّ الصادق أن المتعة زنًا؛ قيل لأبي عبد الله عليه السلام: لِمَ جعل في الزنا أربعة من الشهود وفي القتل شاهدان؟ قال: إن الله أحلَّ لكم المتعة، وعلم أنها ستنكر عليكم، فجعل الأربعة الشهود احتياطًا لكم، ولولا ذلك لأتى عليكم، وقلما تجتمع أربعة على شهادة بأمر واحد (٤).

فهذا إقرار صريح من الصادق بأن المتعة زنًا، ولو لم يكن كذلك؛ فلماذا لو اجتمع أربعة شهود وشهدوا بأن فلانًا تمتع يقام عليه حدُّ الزنا، وما دام ذلك حلالًا فلا ضير لو اجتمع ألف شاهد وشاهَدَ على ذلك وهو حلال (٥).

بل تذكر الشيعة الإمامية أن أبا جعفر الثاني أعرض عن السائل الذي ناقشه في المتعة حينما ذكر نساءه وبنات عمه، وإذا كانت المتعة حلالًا بل من ضمن أفضل الأعمال؛ فلماذا لا يرتضيها الإمام التاسع عندهم محمد بن علي بن موسى لأهله؟! أيحلها لأتباعه ولا يجوزها لأهل بيته؟! وهل يوجد دليل - وهم مقرون به - أبلغ من هذا على


(١) الكافي: (٥/ ٤٥٣)، وسائل الشيعة: (١٤/ ٤٥٠).
(٢) الكافي: (٥/ ٤٥٢)، وسائل الشيعة: (١٤/ ٤٤٩).
(٣) الكافي: (٥/ ٤٦٧)، وسائل الشيعة: (١٤/ ٤٥٠).
(٤) من لا يحضره الفقيه: (٣/ ٣٨)، وسائل الشيعة: (١٤/ ٤٣٩)، علل الشرائع: (ص ٥٠٩، ٥١٠).
(٥) الشيعة والمتعة للأستاذ محمد مال الله: (ص ٢٤) (ط الرابعة، مكتبة ابن تيمية، ١٤١٣ هـ).

<<  <   >  >>