للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طلبه العلم مع سعة ماله - رضي الله عنه -

وطلبه العلم مع سعة هذا المال نقل عنه أنه قال: ما أشريت من حين ولدت من أحد بدرهم ولا بعت أحداً شيئاً، فسئل عن الورق الذي يكتب فيه والحبر فقال: كنت أوكل أنساناً يشتري لي، فكيف لا يكون ولياً.

زهد البخاري

وقد زهد في الدنيا وآثر غيره على نفسه، وصبر على شدة الجوع مع كثرة ما معه من مال، وكل هذا من علامات الأولياء.

قال إبراهيم بن أدهم لرجل: أتحب أن تكون لله ولياً؟ قال: نعم، قال: لا ترغب في شيء من الدنيا والآخرة، وفرِّغ نفسك لله، وأقبل عليه بوجهك ليقبل عليك ويواليك.

بل كثير من أولياء الله يأتيهم رزقهم من غير تعب ولا تكلف، كما حكي عن عتبة الغلام أنه دعا ربه أن يهب له ثلاث خصال في دار الدنيا، دعا أن يمن عليه بصوت حزين، ودمع غزير، وطعام من غير تكلف، فكان إذا قرأ بكى وأبكى، وكانت دموعه جارية دهره، وكان يأوي إلى منزله فيصيب قوته، ولا يدري من أين يأتيه.

وحكي أن رابعة العدوية كانت تطبخ قدراً فاشتهت بصلاً فجاء طائر في منقاره بصلة فألقاها إليها.

ومنها: أنه (١) وقف يصلي فلسعه زنبور سبع عشرة مرة، ولم يقطع صلاته (٢) .

وفاة البخاري وما ظهر من الكرامات عند وفاته

وكانت وفاته (٣) - رضي الله عنه - ليلة السبت ليلة عيد الفطر، سنة ست وخمسين ومائتين، عن


(١) الكلام على البخاري - رضي الله عنه -.
(٢) رواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (٢/١٢) عن أبي سعيد بكر بن منير يقول: كان محمد بن إسماعيل يصلي ذات يوم فلسعه الزنبور سبع عشرة مرة، فلما قضى صلاته قال: انظروا أي شيء هذا الذي آذاني في صلاتي؟ فنظروا فإذا الزنبور قد ورمه في سبعة عشر موضعاً، ولم يقطع صلاته.
ورواه المزي في تهذيب الكمال (٢٤/٤٤٦) ، وانظر: تهذيب التهذيب (٩/٤٣) ، وتغليق التعليق (٥/٣٩٨) ، ومقدمة فتح الباري (ص ٤٨٠) ، وسير أعلام النبلاء (١٢/٤٤١) .
(٣) وفي سبب وفاته قال ابن حجر في تغليق التعليق (٥/٤٤١) : قال محمد بن أبي حاتم وراق البخاري سمعت أبا منصور غالب بن جبريل وهو الذي نزل عليه البخاري بخرتنك يقول: أنه أقام أياماً فمرض، واشتد به المرض، حتى وجه إليه رسول من سمرقند ليخرج، فلما وافى تهيأ للركوب، ولبس خفيه وتعمم، فلما مشى قدر عشرين خطوة أو نحوها، وأنا آخذ بعضده، ورجل آخر معي يقوده إلى الدآبة ليركبها فقال رحمه الله: أرسلوني فقد ضعفت، فدعا بدعوات ثم اضطجع، فقبض فسال منه عرق كثير، وكان أوصى أن يكفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص ولا عمامة، قال: ففعلنا فلما دفناه فاح من تراب قبره رائحة طيبة كالمسك ودامت أياما وجعل الناس يختلفون إلى القبر أياماً يأخذون من ترابه إلى أن جعلنا عليه خشباً مشبكاً.
وانظر: سير أعلام النبلاء (١٢/٤٦٦، ٤٦٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>