قوله: «لم يضره» : في رواية شعبة عند مسلم وأحمد «لم يسلط عليه الشيطان أو لم يضره الشيطان» ، وفي مرسل الحسن عن عبد الرزاق «إذا أتى الرجل أهله فليقل بسم الله اللهم بارك لنا فيما رزقتنا ولا تجعل للشيطان نصيبا فيما رزقتنا، فكان يرجى إن حملت أن يكون ولدا صالحا» واختلف في الضرر المنفي بعد الاتفاق على ما نقل عياض على عدم الحمل على العموم في أنواع الضرر، وإن كان ظاهرا في الحمل على عموم الأحوال من صيغة النفي مع التأبيد، وكان سبب ذلك ما جاء في بدء الخلق «إن كل بني آدم يطعن الشيطان في بطنه حين يولد إلا من استثنى» فإن في هذا الطعن نوع ضرر في الجملة، مع أن ذلك سبب صراخه. ثم اختلفوا فقيل المعنى: لم يسلط عليه من أجل بركة التسمية، بل يكون من جملة العباد الذين قيل فيهم ?إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ? [الحجر: ٤٢] ويؤيده مرسل الحسن المذكور، وقيل: المراد لم يطعن في بطنه، وهو بعيد لمنابذته ظاهر الحديث المتقدم، وليس تخصيصه بأولى من تخصيص هذا، وقيل: المراد لم يصرعه، وقيل: لم يضره في بدنه. وقال ابن دقيق العيد: يحتمل أن لا يضره في دينه أيضاً، ولكن يبعده انتفاء العصمة. وتعقب بأن اختصاص من خص بالعصمة بطريق الوجوب لا بطريق الجواز، فلا مانع أن يوجد من لا يصدر منه معصية عمداً وإن لم يكن ذلك واجبا له. وقال الداودي معنى: «لم يضره» أي لم يفتنه عن دينه إلى الكفر، وليس المراد عصمته منه عن المعصية. وقيل لم يضره بمشاركة أبيه في جماع أمه كما جاء عن مجاهد: «أن الذي يجامع ولا يسمي يلتف الشيطان على إحليله فيجامع معه» ولعل هذا أقرب الأجوبة، ويتأيد الحمل على الأول بأن الكثير ممن يعرف هذا الفضل العظيم يذهل عنه عند إرادة المواقعة والقليل الذي قد يستحضره ويفعله لا يقع معه الحمل، فإذا كان ذلك نادراً لم يبعد. وفي الحديث من الفوائد أيضاً: ١- استحباب التسمية والدعاء والمحافظة على ذلك حتي في حالة الملاذ كالوقاع. ٢- فيه الاعتصام بذكر الله ودعائه من الشيطان والتبرك باسمه والاستعاذة به من جميع الأسواء. ٣- وفيه الاستشعار بأنه الميسر لذلك العمل والمعين عليه. ٤- فيه إشارة إلى أن الشيطان ملازم لابن آدم لا ينطرد عنه إلا إذا ذكر الله. ٤- فيه رد على منع المحدث أن يذكر الله، ويخدش فيه الرواية المتقدمة: «إذا أراد أن يأتي» وهو نظير ما وقع من القول عند الخلاء، وقد ذكر المصنف ذلك وأشار إلى الرواية التي فيها: «إذا أراد أن يدخل» . انظر فتح الباري (٩/٢٢٨ - ٢٢٩) .