في الكلام على قوله - صلى الله عليه وسلم - «الإيمان بضع وستون شعبة» وفيه ترجمة لأبي هريرة - رضي الله عنه - مع فوائد ولطائف
الحمد لله الذي نور قلوب العارفين بضياء الإلهام، وأيقظ أسرار القاصدين فلاح لهم الأعلام، وشغل أسماعهم بلذة خطابة عن سماع الملام، واستنهض عزائمهم فساروا في جنح الظلام، حاديهم الوجد ودليلهم القصد وسائقهم الغرام، شمروا حتى وصلوا وطلبوا حتى حصلوا ووقفوا حتى قبلوا، وأهل الغفلة نيام، ليس المقبول كالمطرود، ولا المحبوب كالمردود، ولا الوصال كالصدود، ولا الخلي المستهام، أفلا تستحي ممن وجدك وأحياك وعرفك وهداك وأيدك وولاك وخاطبك وناداك ووعدك بشرف المقام، أحمده على ما ألهم وأنعم وأكرم وأبرم من الأحكام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحد لا شريك له إله انتظمت أفعاله بحسن الإتقان والإحكام، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي أقام به أركان الإسلام، وأبطل به الأنصاب والأزلام، صلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه هداة الأنام، صلاة دائمين باقية على مر الأيام.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:«الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ» .
قوله «باب أمور الإيمان»(١) الإضافة فيه بيانية أي: الأمور التي في الإيمان لأن
(١) قال ابن حجر في الفتح (١/١١٩) : قوله: «باب أمور الإيمان» ، وللكشميهني «أمر الإيمان» بالإفراد على إرادة الجنس، والمراد بيان الأمور التي هي الإيمان والأمور التي للإيمان.