للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[المجلس الثالث عشر]

في بيان زيارة الإيمان ونقصانه وفيه فوائده كثيرة متعلقة بالإيمان

قَالَ البُخَارِي:

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب الإيمان

باب الإِيمَانِ وَقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ» وَهُوَ قَوْلٌ وَفِعْل، وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ.

قَالَ اللَّهُ تعالى: ? لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ?، ? وَزِدْنَاهُمْ هُدًى?، ? وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى?، ? وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ?، ? وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً?، وَقَوْلُهُ ? أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً ?، وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ ?فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً?، وَقَوْلُهُ تَعَالَى ?وَمَا زَادَهُمْ إلا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً?. وَالْحُبُّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ مِنَ الإِيمَانِ (١) .

وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ: إِنَّ للإيمان فَرَائِضَ وَشَرَائِعَ وَحُدُوداً وَسُنَناً، فَمَنِ اسْتَكْمَلَهَا اسْتَكْمَلَ الإِيمَانَ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَكْمِلْهَا لَمْ يَسْتَكْمِلِ الإِيمَانَ، فَإِنْ أَعِشْ فَسَأُبَيِّنُهَا (٢) لَكُمْ حَتَّى تَعْمَلُوا بِهَا، وَإِنْ أَمُتْ فَمَا أَنَا عَلَى صُحْبَتِكُمْ


(١) قال ابن حجر في الفتح (١/١١٢) قوله: «والحب في الله والبغض في الله من الإيمان» هو لفظ حديث أخرجه أبو داود من حديث أبي أمامة ومن حديث أبي ذر ولفظه: «أفضل الأعمال الحب في الله والبغض في الله» ، ولفظ أبي أمامة: «من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان» .
وللترمذي من حديث معاذ بن أنس نحو حديث أبي أمامة، وزاد أحمد فيه: «ونصح لله» ، وزاد في أخرى: «ويعمل لسانه في ذكر الله» ، وله عن عمرو بن الجموح بلفظ: «لا يجد العبد صريح الإيمان حتى يحب لله ويبغض لله» .
ولفظ البزار رفعه: «أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله» ، وسيأتي عند البخاري: «آية الإيمان حب الأنصار» .
واستدل بذلك على أن الإيمان يزيد وينقص، لأن الحب والبغض يتفاوتان.
(٢) قال ابن حجر في الفتح (١/١١٣) : قوله: «فإن أعش فسأبينها» أي: أبين تفاريعها لا أصولها، لأن أصولها كانت معلومة لهم جملة، على تجويز تأخير البيان عن وقت الخطاب إذ الحاجة هنا لم تتحقق.
والغرض من هذا الأثر أن عمر بن عبد العزيز كان ممن يقول بأن الإيمان يزيد وينقص حيث قال: استدل ولم يستدل.
قال الكرماني: وهذا على إحدى الروايتين، وأما على الرواية الأخرى فقد يمنع ذلك لأنه جعل الإيمان غير الفرائض. قلت: لكن آخر كلامه يشعر بذلك وهو قوله: «فمن استكملها» أي: الفرائض وما معها «فقد استكمل الإيمان» وبهذا تتفق الروايتان، فالمراد أنها من المكملات، لأن الشارع أطلق على مكملات الإيمان إيماناً.

<<  <  ج: ص:  >  >>