الحمد لله الواحد القهار، العزيز الغفار، الحليم الستار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الجبار، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله المصطفى المختار، الذي سلمت علية الأحجار، وسعت إلى خدمته الأشجار.
معنى الحديث: أنه كان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - عشرة من الصحابة أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، وعبد الله بن عمرو كان طفلاً صغيراً، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بشيء من جمار النخل فصار يأكل منه، وكان من عادته - صلى الله عليه وسلم - إذا اجتمع بأصحابه في بعض الأحيان يلقي عليهم بعض المسائل ليختبر أفكارهم ويحرضهم في طلب العلم، فألقى عليهم مسألة وقال لهم: إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وهي تشبه المسلم، حدثونى وأخبروني ما هي؟
فذهب وفكر كل واحد من الصحابة الحاضرين إلى نوع من أنواع شجر البوادي فسار يفسرها بذلك النوع وذهلوا وغفلوا عن النخلة.
قال عبد الله بن عمر: فلما رأيت جمار النخل في يد النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يأكل منه وقع في نفسي أنها النخلة، ولكن استحيت أن أتكلم عنده - صلى الله عليه وسلم -، وعنده الأكابر مثل أبي بكر وعمر هيبة منهم وتوقيراً لهم، فما عرف عبد الله ابن عمر أنها النخلة إلا من الجمار الذي كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وفى هذا إشارة إلي أنه ينبغي للشخص إذا ألقى عليه شخص سؤلاً خفياً، ويسمى لغزاً، أن يتفطن لقرائن الأحوال الواقعة عند السؤال كما تفطن عبد الله إلي أنها النخلة بالجمار.