للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المجلس الرابع والأربعون]

في بيان فوائد متعلق بالاستنجاء بالحجر وغيره

قَالَ البُخَارِي:

بَابُ الاسْتِنذْجَاءُ بِالحِجَارَةِ

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَكِّىُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو الْمَكِّىُّ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ اتَّبَعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَخَرَجَ لِحَاجَتِهِ، فَكَانَ لاَ يَلْتَفِتُ فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقَالَ: «ابْغِنِى أَحْجَاراً أَسْتَنْفِضْ بِهَا -أَوْ نَحْوَهُ- وَلاَ تَأْتِنِى بِعَظْمٍ وَلاَ رَوْثٍ» . فَأَتَيْتُهُ بِأَحْجَارٍ بِطَرَفِ ثِيَابِى فَوَضَعْتُهَا إِلَى جَنْبِهِ وَأَعْرَضْتُ عَنْهُ، فَلَمَّا قَضَى أَتْبَعَهُ بِهِنَّ (١) .


(١) للحافظ ابن حجر عند شرحه لهذا الحديث فوائد منها:
قوله: «اتبعت» : أي سرت وراءه.
والواو في قوله «وخرج» حالية.
وفي قوله «وكان» استئنافية.
قوله: «فدنوت منه» : زاد الإسماعيلي «أستأنس وأتنحنح، فقال: من هذا؟ فقلت: أبو هريرة» .
قوله: «أبغني» : بالوصل من الثلاثي أي أطلب لي، يقال بغيتك الشيء أي: طلبته لك. وفي رواية بالقطع أي: أعني على الطلب، يقال: أبغيتك الشيء أي: أعنتك على طلبه، والوصل أليق بالسياق، ويؤيده رواية الإسماعيلي ائتني.
قوله: «أستنفض» : قال القزاز: قوله أستنفض أستفعل من النفض وهو أن تهز الشيء ليطير غباره، قال: وهذا موضع استنظف، أي: بتقديم الظاء المشالة على الفاء، ولكن كذا روي. انتهى.
والذي وقع في الرواية صواب ففي القاموس استنفضه استخرجه، وبالحجر استنجي، وهو مأخوذ من كلام المطرزي قال: الاستنفاض الاستخراج، ويكنى به عن الاستنجاء، ومن رواه بالقاف والصاد المهملة فقد صحف. انتهى.
ووقع في رواية الإسماعيلى «أستنجي» : بدل «أستنفض» وكأنها المراد بقوله في روايتنا أو نحوه، ويكون التردد من بعض رواته.
قوله: «ولا تأتني» : كأنه - صلى الله عليه وسلم - خشى أن يفهم أبو هريرة من قوله أستنجي أن كل ما يزيل الأثر وينقي كاف ولا اختصاص لذلك بالأحجار، فنبهه باقتصاره في النهي على العظم والروث على أن ما سواهما يجزئ، ولو كان ذلك مختصاً بالأحجار -كما يقوله بعض الحنابلة والظاهرية- لم يكن لتخصيص هذين بالنهي معني، وإنما خص الأحجار بالذكر لكثرة وجودها.
وزاد المصنف في المبعث في هذا الحديث أن أبا هريرة قال له - صلى الله عليه وسلم - لما فرغ: ما بال العظم والروث؟ قال: هما من طعام الجن. والظاهر من هذا التعليل اختصاص المنع بهما.
نعم يلتحق بهما جميع المطعومات التي للآدميين قياساً من باب الأولى، وكذا المحترمات كأوراق كتب العلم.
ومن قال علة النهي عن الروث كونه نجساً ألحق به كل نجس متنجس، وعن العظم كونه لزجاً فلا يزيل إزالة تامة ألحق به ما في معناه كالزجاج الأملس.
ويؤيده ما رواه الدارقطني وصححه من حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يستنجي بروث أو بعظم، وقال: «إنهما لا يطهران» . وفي هذا رد على من زعم أن الاستنجاء بهما يجزئ وإن كان منهياً عنه.
قوله: «وأعرضت» : كذا في أكثر الروايات، وللكشميهني «واعترضت» بزيادة مثناة بعد العين والمعنى متقارب.
قوله: «فلما قضى» : أي حاجته.
قوله: «أتبعه» بهمزة قطع أي ألحقه، وكنى بذلك عن الاستنجاء.
وفي الحديث: جواز اتباع السادات وإن لم يأمروا بذلك.
واستخدام الإمام بعض رعيته، والإعراض عن قاضي الحاجة، والإعانة على إحضار ما يستنجى به وإعداده عنده لئلا يحتاج إلى طلبها بعد الفراغ فلا يأمن التلوث. والله تعالى أعلم. انظر فتح الباري (١/٢٥٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>