كانوا يطلبون الجزاء من فرعون ويقولون ?إِنَّ لَنَا لَأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ الغَالِبِينَ? [الأعراف: ١١٣] ثم بعد ساعة يقولون: ?لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ البَيِّنَاتِ? الدالة على صدق موسى ?وَالَّذِي فَطَرَنَا? أي: وحق الذي خلقنا ?فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الحَيَاةَ الدُّنْيَا? [طه: ٧٢] أي: اصنع بنا ما قلته من القطع والصلب في هذه الدنيا فإنما تصنع شيئاً في الدنيا وستجازى عليه في الآخرة ?إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا? [طه: ٧٣] أي: الإشراك وغيره، ويغفر لنا ?وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى? [طه: ٧٣] أي: خير منك ثواباً إذا أطيع، وأبقى منك عذابا إذا عصي.
واستدل العلماء بحمل أنس - رضي الله عنه - والغلام الذي معه الإدواة التي فيها الماء والعنزة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أنه يستحب للإنسان خدمه الصالحين، وأهل الفضل، والتبرك بذلك، وتفقد حاجاتهم، خصوصاً المتعلق بالطهارة.
وعلى أنه يجوز للرجل الفاضل أن يستخدم بعض أتباعه الأحرار ويستعين بهم فيما يتعلق بالطهارة وغيرها، خصوصاً إذا علم منهم أنهم يرصدون بذلك ويتمنونه، وأنهم يحصل لهم الشرف بذلك.
وقد اختلف العلماء في مسألة مناسبة لهذا وهي: أنه هل يجوز للإنسان أن يعير ولده الصغير ليخدم من يتعلم منه؟
فقال الروياني من الشافعية: يجوز ذلك، وقيل: لا يجوز لأن ذلك هبة لمنافعه وذلك لا يجوز، كما لا يجوز إعارة ماله.
وحمل النووي قوله على خدمة تقابل بأجرة، أما ما كان لا يقابل بها فالظاهر والذي يقتضيه أفعال السلف جوازه، إذا لم يضر بالصبي.
وقال بعض المتأخرين: إنما يتمتع إعارة الصبي ليمنع غيره ليخدم من يتعلم به منه إذا انتفت المصلحة، أما إذا وجدت كما لو قال لولده الصغير: اخدم هذا الرجل في كذا ليتمرن على التواضع ومكارم الأخلاق فلا مانع منه، قال ابن الملقن: وهذا حسن بالغ (انتهى) .