إنما قدم البخاري - رضي الله عنه - كتاب العلم على سائر الكتب الآتية وهي: كتاب الوضوء والغسل والتيمم والصلاة وغيرها لأنها من باب العمل والعلم ينبغي أن يكون قبل العمل، وآخره يكون كذلك وهو مبتدأ كل خير.
نفعنا الله بالعلماء، وأنزل علينا ببركاتهم وذكر فضائلهم الرحمة من السماء، وزادهم الله تعالى في الدنيا والآخرة من مدده الفياض شرفاً وكرماً وبعد.
فقد دل الكتاب والسنة والأخبار والآثار المنقولة عن الأئمة على فضل العلماء وفضل العلم وفضل تعلمه وفضل تعليمه وفضل حضور مجلسه.
قال الله تعالى: ?شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا العِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ? [آل عمران: ١٨] جعل الله مرتبتهم بعد الملائكة.
وجعل النبي صلي - صلى الله عليه وسلم - مرتبتهم بين الأنبياء والشهداء، فقد ورد عند ابن ماجة وغيرة عن عثمان بن عفان أنه - صلى الله عليه وسلم - قال:«يشفع يوم القيامة ثلاثة: الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء»(١) .
قال بعض العلماء: أعظم بمرتبة هي واسطة بين النبوة والشهادة بشهادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وقال تعالى: ?إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ? [فاطر: ٢٨] القراءة المشهورة بنصب لفظ الجلالة، ورفع العلماء.
وقد قرئ: ?إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءَ? [فاطر: ٢٨] برفع اسم الله،
(١) أخرجه ابن ماجه في سننه (٢/١٤٤٣، رقم ٤٣١٣) ، قال البوصيري في مصباح الزجاجة (٤/٢٦٠) : هذا إسناد ضعيف. وأخرجه أيضاً: البيهقي في شعب الإيمان (٢/٢٦٥، رقم ١٧٠٧) .