باب كُفْرَانِ الْعَشِيرِ وَكُفْرٍ دُونَ كُفْرٍ فِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -.
قوله:«باب كفران العشير وكفر دون كفر» قال القاضي أبو بكر بن العربي في شرحه على هذا الصحيح: أراد البخاري في ترجمته أن يبين أن الطاعات كما تسمى إيماناً. كذلك المعاصي تسمى كفراً. وإطلاق الكفر عليها مجاز بمعنى كفر النعمة لا كفر الحجة.
و «العشير» بمعنى معاشر وهو الزوج. بمثل كيل بمعنى مواكل.
قيل له: عشير لأنه يعاشر المرأة وتعاشره. وهو مأخوذ من قوله تعالى: ?وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ? [النساء: ١٩] فكفران مصدر مضاف إلى المفعول الفاعل متروك.
والمعنى: باب إنكار المرأة وجحدها إحسان زوجها إليها. وخص هذا الذنب بالذكر دون غيره من الذنوب وأطلق عليه الكفر لرقيقة بديعة. وهي قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لو أمرت أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها»(١) وقد بلغ من حقه عليها هذه الغاية كان ذلك دليلاً على تناولها بحق الله تعالى. فلذلك أطلق عليها الكفر لكنه كفر نعمة لا يخرج عن الملة.
قال الإمام النووي: ويجوز أن يراد «بالعشير» الخليط والصاحب أي: مطلق المعاشر سواء كان زوجة وغيرها. فيكون المصدر مضافاً إلى الفاعل. والمعنى: باب كفران الصاحب إلى إنكار الصاحب والمخالط إحسان صاحبه مخالطه.
قَالَ البُخَارِي: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ. عَنْ مَالِكٍ. عَنْ زَيْدِ بْنِ أسلم. عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ. عَنِ ابن عَبَّاسٍ. قَالَ قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - «أُرِيتُ النَّارَ فَإِذَا أكثر أهلها النِّسَاءُ يَكْفُرْنَ» . قِيلَ: أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ قَالَ: «يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ. وَيَكْفُرْنَ الإحسان. لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ» .
(١) أخرجه الترمذي في سننه (٣/٤٦٥. رقم ١١٥٩) . وقال: حسن غريب. والبيهقي في سننه الكبرى (٧/٢٩١. رقم ١٤٤٨١) عن أبي هريرة.