أيها الواقف اعتباراً بقبري ... واستمع فيه قول عظيمي الرميم
أودعوني بطن الضريح وخافوا ... من ذنوب كلموها بأديمي
قلت لا تجزعوا علي فإني ... حسن الظن بالرؤوف الرحيم
ودعوني بما اكتسبت رهينة ... علق الرهن عند مولى كريم
قال العلماء: نسيان الميت بعد موته نعمة من الله على أهله وأصحابه، وكذلك الغفله والأمل نعمتان من الله.
روي عن أنس بن مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:«إن مشيعي الجنازة قد وكل بهم ملك، فهم مهمومين محزونون، حتى إذا أسالموه في القبر ورجعوا راحلين أخذ كفاً من تراب فرمي به وهو يقول: ارجعوا ارجعوا إلى دنياكم أنساكم الله موتاكم، فينسون ميتهم يأخذون في شرابهم وبيعهم كأنهم لم يكونوا منه ولم يكن منهم» ولقد أحسن من قال:
ضعوا خدي على لحدي ضعوه ... ومن عفر التراب فوسدوه
وشقوا عنه أكفاناً رقاقاً ... وفي الرمس البعيد فغيبوه
فلو أبصرتموه إذا انقضت ... صبيحة ثالث أنكرتموه
وقد سالت نواظر مقلتيه ... على وجناته وانفض فوه
وناداه البلى هذا فلان ... هلموا فانظروا هل تعرفوه
حبيبكم وجاركم المفدى ... تقادم عهده فنسيتموه
وقال الحسن: الغفلة والأمل نعمتان عظيمتان على ابن آدم، ولولاهما مشي المسلمون في الطرق.
وقال مطرف بن عبد الله: لو علمت متى أجلي لخشيت ذهاب عقلي، ولكن الله سبحانه وتعالى مَنَّ على عباده بالغفلة عند الموت، ولولا الغفلة ما تهنوا بعيش، ولا قامت بينهم الأسواق (انتهى) .