منامه حوراً قد دخلن عليه من محرابه وهن حسان وفيهن جارية سوداء قبيحة المنظر فسألهن من أنتن؟ فقلن: نحن لياليك الماضية في العبادة، وهذه السوداء هي الليلة التي نمت فيها.
ويروى عن أم سليمان نبي الله صلوات الله وسلامة عليه قالت: له يا بني لا تكثر من النوم بالليل، فإن كثرة النوم بالليل تترك الرجل فقيراً يوم القيامة.
لطيفة: قال في الروض الفائق دخل أبو زيد البسطامي رحمه الكتاب وهو صغير فلما وصل إلى قوله تعالى ?يَا أَيُّهَا المُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً? [المزمل: ١، ٢] فقال لأبيه طيفور بن عيسى يا أبت من ذا الذي يقول له الحق سبحانه وتعالى هذا الخطاب فقال: يا بني ذلك محمد - صلى الله عليه وسلم - ثم خفف عنه في سورة طه، فلما قرأ ووصل إلى قوله تعالى: ?إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ? [المزمل: ٢٠] قال: يأبت إني أسمع أن طائفة كانو يقومون من الليل، قال أبوه: نعم أولئك أصحابه عليه الصلاة والسلام، قال: يا أبت فأي خير في ترك شيء فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فكان أبوه بعد ذلك يقوم الليل كله، فانتبه أبو يزيد ليلة فقال: يا أبت علمني أصلي معك فقال: يا بني أرقد فإنك صغير بعد، فقال: يا أبت إذا كان يوم يصدر الناس أشتاتاً ليروا أعمالهم، وقال لي ربي - عز وجل - ما فعلت؟ أقول لربي: قلت لأبي: علمني أصلي معك قال: أرقد فإنك صغير بعد، فقال أبوه: لا والله ما أريد أن تقول ذلك، ثم علمه يصلي معه وكان بعد ذلك يقوم الليل ويصلي عامته.
ولله در القائل:
أيها القائمون في سندس الليل ... وقد أسبلت ذيول الظلام
قد وصلتم إلى الوصال فطيبوا ... وانزلوا وأبشروا بمرام
هذه دارنا ونحن كرام ... ربحت عندنا ضيوف الكرام
إن طلبتم قرباً وجدتم لدينا ... كل ما تشتهي نفوس الأنام
قد رفعنا حجابنا فاشهدونا ... وادخلوا خلوة الرضا بسلام
ولقد أحسن إمامنا الأعظم الإمام الشافعي حيث قال:
إذا هجع النوم أسبلت عبرتي ... وأنشدت بيتاً وهو من أعظم الشعر
أليس من الخسران أن ليالياً ... تمر بلا نفع وتحسب من عمرى