الله، فإن «الجبر» هو و «إيل» هو الله، ومعنى ميكائيل: عبد الله، وقيل: عبد الرحمن، وقيل: عبد العزيز.
وههنا سؤالان مشهوران:
الأول: لما كان جبريل يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - في صورة رجل فهيئته التي خلق الله عليها، ماذا يفعل بها؟
أجيب عن هذا السؤال بأجوبة:
الأول: يحتمل أن الله تعالى الزائد من خلقه حتى صار في صورة رجل ثم خلقه بعد تبليغ الوحي للنبي - صلى الله عليه وسلم -، ويحتمل أنه لا يفنيه ويعدمه بل يزيله عنه ويدخره له حتى يبلغ الوحي، ثم يعيده إليه بعد التبليغ قاله إمام الحرمين.
الجواب الثاني: يجوز أن يكون إتيان جبريل بشكله الأصلي إلا أنه انضم فصار على قدر هيئة الرجل، وإن بلغ الوحي عاد إلى هيئته ومثال ذلك: القطن إذا جمع بعد أن كان منفعاً فإن بالنفش يحصل له صورة كبيرة وذاته لم يتغير قاله البلقيني الكبير.
الجواب الثالث: قال شيخ الإسلام ابن حجر: والحق إن تمثل الملك رجلاً ليس معناه أن ذاته انقلبت رجلاً، ولكن معناه أنه ظهر بصورة الرجل تأنيساً لمن يخاطبه والظاهر أن القدر الزائد يزول ولا يفنى، بل يخفى على الرائي فقط والله اعلم.
السؤال الثاني: أبداه الشيخ عز الدين بن عبد السلام قال: ما إن كان لقي جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - في صورة رجل فأين تكون روحه، فإن كان في الجسد العظيم الذي خلقه الله عليه فالذي أتى لا روح جبريل ولا جسده، وإن كانت في هذه التي في صورة رجل فهل يموت الجسد العظيم الذي خلقه الله عليه أم يبقى خالياً من الروح المنتقلة عنه إلى الجسد الذي يشبه صورة رجل، ويبقى جسده العظيم حياً لا ينقص من معارفه شيء.
قال: وموت الأجساد بمفارقة الأرواح ليس بواجب عقلاً بل بعادة أجراها الله في بني آدم فلا يلزم في غيرهم، وإذا قلنا: بأن الذي أتى هو جبريل ظهرت في صورة تأنيساً للمخاطب، والله أخفى الزائد من خلقه على الرائي فقط سقط السؤال الثاني والله اعلم (١) .
وفي الحديث دلالة على أن الصحابة كانت تسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كثير من المعاني، وكان - صلى الله عليه وسلم - يجمعهم ويعلمهم وكانت طائفة تسأل أخرى تحفظ وتؤدي وتبلغ حتى كمل الله دينه والحمد لله.
(١) هذا السؤال الذي أبداه العز بن عبد السلام أورده الحافظ السيوطي في كتابه الحبائك (ص ٢١٧) .