للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويشتاق إليهم، فيرجع إليهم.

وقولها «ويتزود لذلك» مرفوعاً عطفاً على فيتحنث، وذلك إما إشارة إلى الخلاء وإما إلى التعبد، أو كان - صلى الله عليه وسلم - يتعبد في غار حراء، ويتزود لمدة خلوته وتعبده والتزود اتخاذ الزاد، والزاد هو الطعام الذي يستصحبه المسافر.

وقولها «ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها» أي: كان بعد الفراغ من التعبد في هذه الليالي يرجع إلى خديجة، فإذا جاء وقت الليالي يتزود لمثلها أي: يصحب معه زاد يكفيه لمثل تلك الليالي.

وخديجة هي: أم المؤمنين خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب القرشية، كانت تدعي في الجاهلية بالطاهرة (١)

، وكانت أكثر قريش مالاً وأعظمهم شرفاً، وهي التي وآزرته على النبوة، وهاجرت معه وواسته بنفسها ومالها، فإن العرب كانت تتمادح بكسب المال ولاسيما قريش، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل البعثة في التجارة، وخديجة كانت تستأجر الرجال في مالها وتضاربهم عليه بشيء معلوم فلما بلغها حدث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعظيم أمانته، وكرم أخلاقه بعثت إليه فعرضت عليه أن يخرج مالها تاجراً إلى الشام، وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره.

وفي سيرة ابن مغلطاى: أنها استاجرته على أربع بكرات فقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - وخرج في مالها مع غلام يقال له: ميسره، قال البرهان: وميسره هذا لا علم أحداً ذكر له إسلاماً، وكأنه توفى قبل النبوة، ولو أدرك النبوة لأسلم، فلما أرسلت ميسرة معه - صلى الله عليه وسلم - قالت له: لا تعص لمحمد - صلى الله عليه وسلم - أمراً حتى قدم به سوق بصرى وهي مدينة حوران من أرض الشام.

فإنه - صلى الله عليه وسلم - دخل أرض الشام أربع مرات:

المرة الأولى: مع عمه أبي طالب وكان عمره اثنتى عشر سنة على أصح الأقوال الثلاثة فرآه بحيرا الراهب قال الذهبي في تجريده: بحيرا رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل المبعث وآمن به ذكره ابن منده في الصحابه.

واسم بحيرا «جرجيس» فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عرفه بصفته فأخذ بيده وقال هذا سيد العالمين هذا يبعثه الله للعالمين فقيل له: وما علمك بذلك فقال: إنكم حين أشرفتم


(١) قاله الزبير بن بكار رواه عنه الطبرانى في الكبير (٢٢/٤٤٧، رقم١٠٩١) من قوله، وكذا ابن عساكر في التاريخ (٣/١٣١) .
انظر ترجمتها في: (الثقات ١/٤٤، والاستيعاب ٤/١٨١٧ ترجمة: خدبجة بنت خويلد برقم: ٣٣١١، والإصابة ٧/٦٠٠، ترجمة: خديجة بنت خويلد برقم ١١٠٨٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>