للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عبادة سنة» (١) ، وفي رواية «من عبادة الدهر» لأن المرء إذا تفكر قوي إيمانه.

ومنها: أن فيه دلالة على أن الإنسان إذا أصابه هم ينبغي له أن يحدث بذلك أهله، ومن يعتقد من أصحابه إذا كانوا أصحاب دين ونظر، وأن الإنسان إذا وقع له واقع يسأل أهل العلم والنُهى، كما عرضت خديجة ما وقع للنبي - صلى الله عليه وسلم - على ورقة.

ومنها: أن فيه دلاله على أنه ينبغي للإنسان أن يتمنى الخير لنفسه كما تمنى ورقة أن يكون جزعاً في أيام رسالة نبينا - صلى الله عليه وسلم -.

وفي الحديث فوائد كثيرة غير ذلك (٢) .


(١) أورده بهذا اللفظ علي القاري في المصنوع (١/٨٢، رقم ٩٤) وقال ليس بحديث إنما هو من كلام السري السقطي رحمه الله تعالى، وكذا قال العجلوني في كشف الخفاء (١/٣٧٠) فقال: في لفظ «ستين سنة» عن ابن عباس، وذكره الفاكهاني بلفظ: «فكر ساعة» وقال: إنه من كلام سري السقطي.
(٢) قال ابن حجر في الفتح (١/٨٠) : «فائدة» : وقع في تاريخ أحمد بن حنبل عن الشعبي، أن مدة فترة الوحي كانت ثلاث سنين، وبه جزم ابن إسحاق، وحكي البيهقي أن مدة الرؤيا كانت ستة أشهر، وعلي هذا فابتداء النبوة بالرؤيا وقع من شهر مولده وهو ربيع الأول بعد إكماله أربعين سنة، وابتداء وحي اليقظة وقع في رمضان، وليس المراد بفترة الوحي المقدرة بثلاث سنين وهي ما بين نزول «اقرأ» و «يا أيها المدثر» عدم مجيء جبريل إليه، بل تأخر نزول القرآن فقط، ثم راجعت المنقول عن الشعبي من تاريخ الإمام أحمد، ولفظه من طريق داود بن أبي هند عن الشعبي: أنزلت عليه النبوة وهو ابن أربعين سنة فقرن بنبوته إسرافيل ثلاث سنين، فكان يعلمه الكلمة والشيء، ولم ينزل عليه القرآن على لسانه، فلما مضت ثلاث سنين قرن بنبوته جبريل، فنزل عليه القرآن على لسانه عشرين سنة. وأخرجه ابن أبي خيثمة من وجه آخر مختصراً عن داود بلفظ: بعث لأربعين، ووكل به إسرافيل ثلاث سنين، ثم وكل به جبريل. فعلى هذا فيحسن - بهذا المرسل إن ثبت - الجمع بين القولين في قدر إقامته بمكة بعد البعثة، فقد قيل ثلاث عشرة، وقيل عشر، ولا يتعلق ذلك بقدر مدة الفترة، والله أعلم. وقد حكى ابن التين هذه القصة، لكن وقع عنده ميكائيل بدل إسرافيل، وأنكر الواقدي هذه الرواية المرسلة وقال: لم يقرن به من الملائكة إلا جبريل، انتهى. ولا يخفي ما فيه، فإن المثبت مقدم على النافي إلا إن صحب النافي دليل نفيه فيقدم والله أعلم.
وأخذ السهيلي هذه الرواية فجمع بها المختلف في مكثه - صلى الله عليه وسلم - بمكة، فإنه قال: جاء في بعض الروايات المسندة أن مدة الفترة سنتان ونصف. وفي رواية أخرى أن مدة الرؤيا ستة أشهر، فمن قال: مكث عشر سنين، حذف مدة الرؤيا والفترة، ومن قال: ثلاث عشرة، أضافهما. وهذا الذي اعتمده السهيلي من الاحتجاج بمرسل الشعبي لا يثبت، وقد عارضه ما جاء عن ابن عباس: أن مدة الفترة المذكورة كانت أياماً.

<<  <  ج: ص:  >  >>