للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال شيخ الإسلام ابن حجر (١) : اشترط الباقلاني في صحة الإسلام تقدم الإقرار بالتوحيد على الرساله، ولم يتابع مع أنه إذا دقق فيه بأن وجهه ويزداد اتجاهاً إذا فرقهما فليتأمل.

وسمعت من بعض مشايخي شرطاً سابعاً للإسلام وهو: أن يأتي بكلمة الشهادة بصيغة التنجيز دون التعليق فإن أتى بصيغة كأن قال: إذا فرغ الشهر فأنا أشهد أن لا إله إلا الله ومحمد رسول الله لا يحكم بإسلامه، وقد صرح بالمسألة في الأنوار فقال: والعزم عليه في المستقبل ليس بإسلام حتى لو قال الكافر: أنا أسلم لا يحكم بإسلامه في الحال.

وأما المولاة بين الشهادتين فلا تشترط كما ذكره الحليمي وغيره، فلو قال كافر: أول النهار لا إله إلا الله ثم قال في آخره محمد رسول الله حكم بإسلامه.

وقد ردد بعض العلماء للمؤمن علامات يتميز بها عن غيره وهي في الحقيقة موعظة فقالوا: المؤمن إذا أدب تأدب، وإذا أهذب تهذب، المؤمن خفيف له من الله معونة كالنحلة إذا وقعت على عود لا تكسره، وهي تأكل طيبها، ويصدر عنها طيب، والمؤمن يأكل الحلال، فيصدر عنه صالح الأعمال، النحلة لعابها صاف، وشرابها شاف، والمؤمن رؤيته شفاء وموعظته دواء، ينتفع برؤيته قبل روايته، خيره بادر وشره نادر.

قال الفضيل: المؤمن قليل الكلام كثير العمل، والمنافق كثير الكلام قليل العمل.

وقال: المؤمن بشره في وجهه وحزنه في قلبه، أوسع شيء صدراً، وأحقر كل شيء قدراً، زاجر عن كل شر، حاضر على كل خير، لا حقود ولا حسود، ولا مرتاب ولا سباب ولا مغتاب، يكره الرفعة ويبغض السمعة، طويل الهم كثير الغم، حليف الصمت عزيز الوقت، لا متافك ولا متهتك، ضحكه تبسم، واستفهامه تعلم، ومراجعته تفهم، لا يبخل ولا يعجل، ولا يضجر، ولا يجهر، لا جزع، ولا هلع، ولا صلف، ولا عنف، قليل المنازعة، جميل المراجعة، عدل إن غضب، دقيق إن طلب، خليص الود، وثيق العهد، وفي الوعد شفوق، وصول حليم، حمود قليل الفضول، راض عن مولاه، مخالف لهواه، لا يغلظ على من يؤذيه، ولا يخوض فيما لا يعنيه، إن سب أو أوذي لم يسب، وإن طلب ومنع لم يغضب، لا يشمت بمصيبة، ولا يذكر أحد بعيبه، هشاش بشاش، لا فاحش ولا غشاش، كظام بسام صوام قوام، دقيق النظر، عظيم الحذر، وهذا هو المؤمن حقاً.


(١) انظر: فتح الباري (١/٥٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>