للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأمر بهم ذات اليمين إلى الجنة ثم لا أدري بمن كان بعد علي فقال لي: أنت ما فعل الله بك؟ قلت: تفضل علي ربي وتداركني برحمته، وقد أمر بي ذات اليمين إلى الجنة،

فقال: أنا كما صرت ثلاثاً، قلت له: من أنت؟ قال: أنا الحجاج بن يوسف، قلت له: الحجاج أرددها ثلاثاً، قلت: ما فعل الله بك قال لي قدمت على رب شديد العقاب ذي بطشة فقتلني بكل قتلة قتلت بها مثلها، ثم ها أنا موقوف بين يدي ربي أنتظر ما ينتظره الموحدون من ربهم، إما إلى الجنة وإما إلى نار.

قال أبو حازم فأعطيت الله عهداً بعد رؤيا عمر بن عبد العزيز أن لا أوجب لأحد من هذه الأمة ناراً.

وروي أنه - رضي الله عنه - منذ ولي الخلافة لم يضع لبنة على لبنة ولا أحدث له دآبة ولا امرأة ولا جارية، حتى لحق بالله.

قال له بعض أصحابه: لأي شيء لا تحدث لك بناء؟ قال هذه سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من الدنيا ولم يضع لبنة على لبنة، ولا قصبة على قصبة.

وعن أبي داود الرومي قال: كان لعمر بن عبد العزيز درجة يصعد عليها، وكانت تتحرك كلما نزل وطلع، وكان يرتاع منها ويرتعب، فأصلحها بعض أصحابه وشدها بطين في غيبته بغير إذنه، فلما صعد عمر ورآها قد ثبتت فسأل عمن أصلحها؟ فقيل له: إن فلاناً أصلحها، فقال: أعيدوها إلى ما كانت عليه فإني عاهدت الله منذ وليت أن لا أضع لبنة على لبنة ولا أجرة على أجرة.

اسمع واتعظ يا من أفنى في عمارة الدنيا عمره، وأقل من فعل الخيرات فيها وأكثر فيها ضرره، وكان السلف لصالح يخربون الدنيا ويعمرون بها الآخرة، ولا أنت يا مسكين عكست ذلك وغفلت أنك عن قريب ستصل إلى الحافرة ولله در من قال.

زيادة المرء في دنياه نقصان ... وفعله غير فعل الخير خسران

يا عامر لخراب الدار مجتهداً ... تالله هل لخراب الدار عمران

يا مستأنساً بالمنازل والدور، وكاسات الموت عليه تدور، يا مظلم القلب وما للقلب نور، الباطن خراب والظاهر معمور، لو ذكرت الأجداث والقبور، لأبطلت عمارة الدنيا أيا المغرور، ستحاسب على الأيام والشهور، يا من يصلي بلا حضور، ويصوم والصوم بالغيبة مغمور، كم نتلطف بك يا نفور، كم ننعم عليك يا كفور، تبارز بالمعاصي وأنت مستور، ويحلم عليك إنه حليم غفور، يعلم خائنه الأعين وما تخفي الصدور، إلى متى تلهى بدار الغرور، وفي تمادي الغي تفنى الدهور، يا ناسياً الموت يا

<<  <  ج: ص:  >  >>