للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السماوات والأرض، وقال: إن الذي خلقني ورزقني وأطعمني أسقاني ربي، مالي إله غيره، ثم نظر إلى السماء فإذا المشترى قد طلع، وقيل: الزهرة، وكانت الليلة في النصف الثاني من الشهر فرأى الكوكب قبل القمر فقال: هذا ربي فلما أفل أي: غاب قال: لا أحب الآفلين، ثم طلع القمر قال هذا ربي كما قال تعالى ?فَلَمَّا رَأَى القَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ القَوْمِ الضَّالِّينَ? [الأنعام: ٧٧] ثم طلعت الشمس فلما رآها قال هذا ربي كما قال: ?فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ? [الأنعام: ٧٨، ٧٩] .

قال القاضي عياض: استدلال إبراهيم بالكواكب والقمر والشمس كان وهو ابن خمسة عشر شهراً واسم أبيه تارح، ولقبه آزر كما نطق بذلك القرآن في قوله تعالى ?وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ? [الأنعام: ٧٤] ومعناه الشيخ الكبير، وقيل: معناه قبيح الفعل، وقيل: سمي آزر لشدة كفره، وقيل: آزر اسم لصنم الذي كان يعبده فلقب به لملازمته لعبادته، وقيل: أطلق عليه بحذف مضاف أي: لأبيه عابد آزر، وكان نجاراً يصنع الأصنام، فلما بلغ إبراهيم من العمر سبع سنين كان أبوه يعطيه الأصنام ليبيعها، فيذهب بها إبراهيم فينادي عليها من يشتري شيئاً يضره ولا ينفعه فلا يشتري أحداً منه شيئاً، فإذا بارت عليه ذهب بها إلى آزر فيضرب رأسها فيه ويقل: اشربي ثلاث مرات استهزاء منه بها وبقومه وما هم عليه من الضلال والجهالة، حتى فشي أمره بين الناس فاستهزأ به قومه وأهل بلدته.

وقال بعضهم: كان آزر ينحت الأصنام لفرط حبه لها فإذا كثرت عليه يبيعها وكان يعطيها لأولاده ويبيعوها، وكان يعطي إبراهيم الصنم ليبيعه فيربط إبراهيم في رقبته حبلاً ويبله في الماء ويسحبه على التراب ويرميه تحت أرجل الكلاب، ويلطخها بالعذرة ويقول: من يشتري ما يضره ولا ينفعه فقال له: أبوه ويحك لم لا يشترون منك؟ فقال: سوق آلهتكم كاسد، فقال له أبوه: فامدحه حتى يشترون منك لنأكل من ثمنه الخبز قال إبراهيم: كيف أمدحه إن قلت: سميع كذبت وإن قلت: بصير كذبت ?يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يُبْصِرُ وَلاَ يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً? [مريم: ٤٢] ، قال آزر: ?أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ? [مريم: ٤٦] قال: نعم، قال آزر: ?وَاهْجُرْنِي مَلِيَّاً? أي: حينا من الدهر حتى لا يجر عليك مني ما لا تريد فقال

<<  <  ج: ص:  >  >>