ولها فضائل كثيرة منها: أنها تنهى من دوام عليها عن الفحشاء والمنكر ويرزقة الله التوبة ببركتها قال الثعلبي في قوله تعالى ?إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ? [العنكبوت: ٤٥] .
قال أنس - رضي الله عنه -: كان رجل يصلي الخمس مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم لا يدع شيئاً من الفواحش إلا ارتكبه فأخبروا النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك فقال:«إن صلاته تنهاه يوماً» ، فلم يلبث أن تاب وحسنت توبته وحسن حاله فقال:«ألم أقل لكم إن صلاته تنهاه»(١) .
واتفق من الوقائع كما حكاه النيسابوري: أن رجلاً رواد امرأة عن نفسها فأخبرت بذلك زوجها فقال: قولي له: صل خلف زوجي أربعين صباحاً حتى أطيعك، فقالت له: ففعل ثم دعته إلى نفسها فقال: إني تبت إلى الله تعالى فأخبرت زوجها فقال: صدق الله تعالى في قوله الحق ?إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ?.
قال في روض الأفكار: واعلم أن مثل الصلاة مثل ملك اتخذ عرساً، واتخذ وليمة هيأ فيها ألوان الأطعمة والأشربة، لكل لون لذة، وفي كل لون منفعة، فكذلك الصلاة دعاهم الرب سبحانه وتعالى إليها وهيأ لهم فيها أفعالاً مختلفة تعبدهم بها، ليلذذهم بكل نوع من العبادة فالأفعال كالأطعمة، والأذكار كالأشربة.
قال العلامي في تفسيره: الصلاة عرس الموحدين، فإنه يجتمع فيها ألوان العبادة كما أن العرس يجتمع فيه ألوان الطعام، فإذا صلى العبد ركعتين يقول له الله تعالى: عبدي مع ضعفك أتيت بألوان العبادة قياماً وركوعاً وسجوداً وقرأةً وتهليلاً وتحميداً وتكبيراً وسلاماً، فأنا مع جلالي وعظمتي لا يجمل مني أن أمنعك جنة فيها ألوان النعيم، أوجبت لك الجنة بنعيمها كما عبدتني بأنواع العبادة، وأكرمك برؤيتي كما عرفتني بالوحدانية، فإني لطيف، أقبل عذرك وأقبل منك الخير برحمتي، فإني أجد من أعذبه من الكفار، وأنت لا تجد إليها غيري، يغفر سيئاتك ويكفر عنك الذنوب والأوزار، عبدي لك بكل ركعة قصر في الجنة، وبكل ركوع حوراء، وبكل سجود نظرة إلى وجهي الكريم، ولله در القائل:
إلا في الصلاة الفضل والخير جمع ... لأن بها الأبواب لله تخضع
ومن قام بالتكبير لاقته رحمة ... وكان كعبد مولاه يقرع
وأول شرع من شرائع ديننا ... وآخر ما يبقى إذا الدين يرفع