للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العلماء: وهذه المرأة كانت كافرة فاستحقت العذاب بكفرها، لا بحبسها للقطة حتى ماتت، فإن المؤمن أكرم على الله من أن يعذبه من أجل هرة، على ذلك ما روي في مسند أبي داود الطيالسي من حديث الشعبي عن علقمة قال: كنا عند عائشة ومعنا أبو هريرة فقالت: يا أبي هريرة أنت الذي تحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أن امرأة عذبت بالنار من أجل هرة» فقال: أبو هريرة نعم سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت عائشة: المؤمن أكرم على الله من أن يعذبه من أجل هرة قالت: إنما كانت المرأة مع ذلك كافرة يا أبا هريرة، إذا حدثت عن رسول الله فانظر كيف تحدث (١) .

لطيفة: حكى ابن خلكان وغيره عن الشيخ الإمام أبي الحسن بن باب شاذ النحوي وكان من أكابر العلماء وكان فقيراً جداً فلازم بعض السلاطين وخدمه لأجل فقره وقعت بعد ذلك واقعة ترك بسببها خدمة السلطان، كما حكي عنه أنه كان يوماً في سطح جامع مصر يأكل شيئاً وعنده بعض أصحابه فحضر قط فرموا له لقمة فأخذها في فيه وغاب عنهم، ثم عاد إليهم فرموا له شيئاً فأخذه وذهب ثم عاد ففعل ذلك مراراً كثيرة وهم يرمون له وهو يأخذ ويغيب يعود من فوره فتعجبوا منه فتبعوه فإذا هو يأخذ الطعام، ويدخل إلى خزنة فيها شبه البيت الخراب في سطح ذلك البيت قط أعمى فإذا هو يصح الطعام بين يديه فتعجبوا من ذلك، فقال الشيخ ابن باب شاذ: إذا كان حيواناً أخرس قد سخر له هذا القط، وهو يقوم بكفايته ولم يحرم الرزق فكيف يضيع مثلي ثم قطع الشيخ علائقه، وترك خدمة السلطان ولزم بيته مشتغلاً متوكلاً على الله إلى أن مات.

لطيفة أخرى: وروى ابن عساكر في تاريخه عن بعض أصحاب الشبلي قال رأيت الشبلي في النوم بعد موته فقلت له: ما فعل الله بك فقال: أوقفني بين يديه وقال: يا أبا بكر أتدري بماذا غفرت لك؟ فقلت: بصالح عملي فقال: لا، فقلت بإخلاصي في عبوديتي، قال: لا، فقلت: بحجي وصومي وصلاتي، ثم قال: ما غفر لك بذلك، فقلت: بهجرتي إلى الصالحين، قال: لا، فقلت: بإدامة أسفاري في طلب العلم فقال: لا، فقلت


(١) ورواه أيضاً أحمد في مسنده (٢/٥١٩، رقم ١٠٧٣٨) عن الشعبي عن علقمة ... به.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (١/١١٦) : رجاله رجال الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>