للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو يقال في الجواب: الكفار بصدد أن يقاتلوا وإن كان فيهم من يجب الكف عنه فصح الاحتراز عنهم بالمسلمين.

فإن قيل: قوله «المسلمون» بصيغة جمع التذكير يقتضي أنه لا يجب الكف عن المسلمات في تحصيل الإسلام الكامل، وليس كذلك بل ولابد وإن يكف لسانه ويده عن المسلمين والمسلمات ليحصل له الإسلام الكامل.

جوابه: أن الإتيان بجمع التذكير هنا للتغليب فالمسلمات يدخلن في ذلك.

فائدة: إنما خص - صلى الله عليه وسلم - اللسان واليد بالذكر مع أن الأذي قد يحصل بغيرهما إلا أن الإيذاء باليد واللسان أكثر من غيرهما، فاعتبر الغالب أيضاً.

وخص اللسان لأنه يعبر عما أضمره الإنسان في نفسه، وخصت اليد بالذكر لأن سلطته الأفعال إنما تظهر باليد إذ بها البطش والقطع والأخذ والمنع والإعطاء ونحوه.

وقال أبو ذر ابن الشيخ برهان الدين المحدث في شرحه: وإنما جمع بينهما - صلى الله عليه وسلم - ولم يقتصر على أحدهما لأن كف اليد قد يكون بسبب الضعف والبعد، فإذا انضم إليه كف اللسان علم أن كف اليد كان للإسلام قاله السخاوي.

وأفاد الشيخ الإسلام أبو الفضل ابن حجر في الفتح هنا مناسبة لطيفة فقال (١) : في ذكر اليد دون غيرها من الجوارح نكته وهي لأجل أن يدخل فيها اليد المعنوية، فإن اليد على قسمين: يد الجارحة، وهي معلومة، واليد المعنوية وهي الاستيلاء على حق الغير بغير حق فإنه يقال: وضع فلان يده على مال فلان أي: استولى عليه باليد المعنوية، فعلى هذا يشترط في تحصيل الإسلام الكامل سلامه المسلمين من لسانه ويده أعم من تكون يد الجارحة أو يد المعنى، فمن استولى على أموال الناس بغير حق يصدق عليه أنه لم يسلم المسلمون من يده فلا يكون مسلماً كاملاً، وإن لم يؤذهم بلسانه ويد الجارحه.

فائدة أخرى: إنما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اللسان على اليد لأن أذى اللسان أعم من أذى اليد، واللسان يمكنه القول في الماضين والموجودين والحادثين بخلاف اليد فإنها تختص بالموجود.

قال شيخ الإسلام ابن حجر (٢) : نعم يشارك اللسان في ذلك الكتابة، وإن أثرها في


(١) انظر الفتح (١/١٢٤) .
(٢) انظر الفتح (١/١٢٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>