(٢) قال ابن حجر في الفتح (١/١٣٠) : قوله: «ما يحب لنفسه» أي: من الخير كما تقدم عن الإسماعيلي، وكذا هو عند النسائي، وكذا عند ابن منده من رواية همام عن قتادة أيضاً. «والخير» : كلمة جامعة تعم الطاعات والمباحات الدنيوية والأخروية، وتخرج المنهيات لأن اسم الخير لا يتناولها. «والمحبة» : إرادة ما يعتقده خيراً، قال النووي: المحبة الميل إلى ما يوافق المحب، وقد تكون بحواسه كحسن الصورة، أو بفعله إما لذاته كالفضل والكمال، وإما لإحسانه كجلب نفع أو دفع ضرر. والمراد «بالميل» هنا: الاختياري دون الطبيعي والقسري، والمراد أيضاً أن يحب أن يحصل لأخيه نظير ما يحصل له، لا عينه، سواء كان في الأمور المحسوسة أو المعنوية، وليس المراد أن يحصل لأخيه ما حصل له لا مع سلبه عنه ولا مع بقائه بعينه له، إذ قيام الجوهر أو العرض بمحلين محال. وقال أبو الزناد بن سراج: ظاهر هذا الحديث طلب المساواة، وحقيقته تستلزم التفضيل، لأن كل أحد يحب أن يكون أفضل من غيره، فإذا أحب لأخيه مثله فقد دخل في جملة المفضولين. قلت: أقر القاضي عياض هذا، وفيه نظر، إذ المراد الزجر عن هذه الإرادة، لأن المقصود الحث على التواضع، فلا يحب أن يكون أفضل من غيره، فهو مستلزم للمساواة، ولا يتم ذلك إلا بترك الحسد والغل والحقد والغش، وكلها خصال مذمومة. فائدة: قال الكرماني: ومن الإيمان أيضاً أن يبغض لأخيه ما يبغض لنفسه من الشر، ولم يذكره لأن حب الشيء مستلزم لبغض نقيضه، فترك التنصيص عليه اكتفاء، والله أعلم.