الله ورسوله، وإن كان فيه إسخاط العباد، فمن أرضى الله واسخط العباد كان محباً للمولى الجواد، ومحباً لسيد العباد - صلى الله عليه وسلم -، أنشد مشايخي بيتين في هذا المعنى:
لا تغضب الحق وترضي الورى ... وقدم الخوف ليوم الوعيد
وأرضي الله فأشقى الورى ... من أسخط المولى وأرضى العبيد
ومنها: كثرة ذكره له فإن من أحب شيئاً أكثر من ذكره.
ومنها: كثرة شوقة إلى لقائه فكل حبيب يحب لقاء حبيبه، ولما قدم الأشعريون المدينة من فرحهم كانوا يقولون: غدا نلقى الأحبة محمداً وصحبه.
ومنها: تعظيمه وتوقيره عند ذكره وإظهار الخشوع والانكسار عند سماع اسمه فقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يذكرونه إلا خشوعاً واقشعرت جلودهم وبكوا، وكذلك كثير من التابعين منهم من يقم ذلك له وشوقاً إليه، ومنهم من يفعله تعظيماً له وتوقيراً له، ومنهم من يفعله لحبه لمن كان يحبه - صلى الله عليه وسلم -، وبغضه لمن كان يبغضه، كحب آل بيته وصحابته من المهاجرين والأنصار، وعداوة من عاداهم، وبغض من أبغضهم وسبهم، كما كانت الصحابة تحب الذي يحبه - صلى الله عليه وسلم -، ويبغضون الذي يبغضه - صلى الله عليه وسلم -.
قال أنس بن مالك: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأكل الديك ويحبه قال: فما زلت أحبه لمحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وقد تواتر النقل عن أصحابه أنهم أحبوه وقاتلوا آباءهم في مرضاته.
ومنها: أنه يحب القرآن الذي أتى به - صلى الله عليه وسلم - وأن يهتدي به، وحبه للقرآن بتلاوة والعمل به.
قال عبد الله: علامة حب الله حب القرآن، وعلامة حب القرآن حب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعلامة حب النبي - صلى الله عليه وسلم - حب السنة، وعلامة حب السنة حب الآخرة، وعلامة حب الآخرة بغض الدنيا، وعلامة بغض الدنيا لا يدخر منها إلا زاداً.
ومنها: شفقتة على أمته ومحبته لهم وسعيه في مصالحهم ودفع المضار عنهم كما كان - صلى الله عليه وسلم - بالمؤمنين رؤوفاً رحيماً.
ومنها: تمني حضور حياته فيبذل ماله ونفسه بين يديه - صلى الله عليه وسلم -، حكى الإمام القشيري - رضي الله عنه - عن عمرو بن الليث أحد ملوك خراسان أنه رؤي بعد موته في النوم فقيل له: ماذا فعل الله بك؟ فقال: غفر لي فقيل: بماذا؟ قال صعدت ذروة جبل فأشرفت على جنودي فأعجبتني كثرتهم فتمنيت أني لو كنت حياً في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - وحضرت القتال معه ونصرته فشكرت الله على ذلك وغفر لي.