تُقَاتِهِ? [آل عمران: ١٠٢] بأن يطاع الله فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر، هذا أعلى درجات التقوى، وهذا عزيز وربما يعجز الإنسان عنه، ولهذا لما نزلت الآية وسمعها الصحابة خافوا العجز عن القيام بذلك، فأنزل الله تخفيفاً عنهم: ?فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ? [التغابن: ١٦] .
وكان سهل بن عبد الله يقول: لا معين إلا الله، ولا دليل إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا زاد إلا التقوى، ولا عمل إلا الصبر عليه.
وقال بعض العارفين: من لزم التقوى اشتاق إلى مفارقة الدنيا، لأن الله تعالى يقول: ?وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَوْا? [يوسف: ١٠٩] .
وقيل: يستدل على تقوى الرجل بثلاث: بحسن التوكل منه على الله فيما لم ينل من الرزق، وحسن الرضا منه فيما قد نال منه، وحسن البصر منه على ما فات مما يحبه.
وجاء في الحديث أن رجلاً جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا نبي الله أوصني فقال: «عليك بتقوى الله فإنه جماع كل خير، وعليك بالجهاد فإنه رهبانية المسلم، وعليك بذكر الله فإنه نور لك أي: يهديك إلى الصراط المستقيم.
وأنشد ذو النون المصري قدس الله سره:
ولا عيش إلا مع رجال قلوبهم ... تحن إلى التقوى وترتاح للذكر
وعن عائشة أنها قالت: ما أعجب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أعجبه أحد إلا ذو التقى.
وعن قتادة - رضي الله عنه - أنه قال: «مكتوب في التوراة يا ابن آدم اتق الله ونم حيث شئت» .
وكتب على بعض القبور: ليس زاد إلا التقى فخذ منه أو دع.
وعن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: «من اتقى الله عاش قوياً وسار في بلاده آمنا» .
وقال ابن لقمان لأبيه أي الخصال خير؟ قال: الدين، قال: فإن كانت اثنتين؟ قال: الدين والمال، قال: فإن كانت ثلاثة؟ قال: الدين والمال والحياء، قال: فإن كان أربعاً؟ قال: حسن الخلق، قال: فإن كانت خمساً؟ فقال: السخاء، قال: فإن كانت ستاً؟ قال: يا بني إذا اجتمعت فيه هذه الخمس خصال فهو تقي لله ولي، ومن الشيطان بري، ولقد صدق من قال:
من اتقى الله فذاك الذي ... سبق إليه المتجر الرابح
من عرف الله فلم تغنه ... معرفة الله فذك الشقي
ماذا على الطائع ما ضره ... في طاعة الله ماذا لقي