للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحديث الترمذي: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (١) .

وقال أبو هريرة وعبد الله بن شقيق العقيلي كما رواه الترمذي: كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة (٢) .

لكن جمهور العلماء كالإمام الشافعي وغيره لا يكفر إلا الجاحد بوجوبها، وأجاب عن هذه الأدلة بأنها على مقاربة الكفر وعلى كفر النعمة كقوله - صلى الله عليه وسلم -: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر» (٣) على أن معناها أنه يستحق بترك الصلاة عقوبة الكافر وهي القتل، وإنما أولناها بهذا التأويل وإن كان خلاف الظاهر كما مر في الحديث السابق: «ومن لم يأت فليس له عند عهد الله إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة» فلو كفر بذلك لامتنع دخوله الجنة.

ومن الأدلة على أن تارك الصلاة لا يكفر بتركها ما ورد في السنن: «أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة مكتوبة، فإن أتمها وإلا قيل: انظروا هل له من تطوع فإن كان له تطوع أكملت الفريضة من تطوعه ثم يفعل بسائر الأعمال المفروضة مثل ذلك» (٤) .

وإذا قتل عند الشافعية حداً على ترك الصلاة فهو كسائر أهل الكبائر من المسلمين يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين ولا يطمس قبره.

وإذا ترك صوم رمضان عمداً وهو معتقد لوجوبه لا يقتل بحبس، ومنع من الطعام الشراب نهاراً، لأن الظاهر أنه ينوبه لاعتقاد وجوبه عليه.

وإذا ترك الزكاة عمداً وامتنع من إعطائها للمستحقين لا يقتل ولكن تؤخذ منه قهراً ويعذر على تركها.


(١) أخرجه الترمذي (٥/١٣، رقم ٢٦٢١) ، وقال: حسن صحيح غريب. وأخرجه أيضاً: النسائي (١/٢٣١، رقم ٤٦٣) ، وابن ماجه (١/٣٤٢، رقم ١٠٧٩) جميعاً عن بريدة.
(٢) انظر: سنن الترمذي (٥/١٤، رقم ٢٦٢٢) .
(٣) متفق عليه، أخرجه البخاري في صحيحه (١/٢٧، رقم ٤٨) ، ومسلم في صحيحه (١/٨١، رقم ٦٤) ، والترمذي في سننه (٤/٣٥٣، رقم ١٩٨٣) وقال: حسن صحيح. والنسائي في سننه (٧/١٢٢، رقم ٤١٠٨) ، وابن ماجه في سننه (١/٢٧، رقم ٦٩) جميعاً عن ابن مسعود.
(٤) أخرجه أبو داود في سننه (١/٢٢٩، رقم ٨٦٤) ، والترمذي في سننه (٢/٢٦٩، رقم ٤١٣) وقال: حسن غريب، والنسائي في سننه (١/٢٣٣، رقم ٤٦٦) ، وابن ماجه في سننه (١/٤٥٨، رقم ١٤٢٥) جميعاً عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>