الثانية: ورد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال:«خرج من عندي أخي جبريل آنفاً وقال: يا محمد والذي بعثك بالحق إن لله عبداً من عباده عبد الله تعالى خمسمائه عام على رأس جبل، عرضه وطوله ثلاثون ذراعاً في ثلاثين ذراعاً، والبحر يحيط به أربعة آلاف فرسخ، من كل ناحية وأخرج الله له عيناً عذبة بعرض الأصبع تفيض بماء عذب، وأنبت شجرة رمان كل يوم تخرج رمانة، فإذا أمسي نزل إلى العين توضأ من الماء وأخذ الرمانة وأكلها تغنيه عن كل طعام، ثم يقوم إلى الصلاة فيصلي فسأل ربه عند وقت الأجل أن يقبضه إليه وهو ساجد ولا يجعل للأرض ولا لشيء على جسده سبيلاً حتى يبعثه وهو ساجد ففعل، قال جبريل: ونحن نمر عليه إذا هبطنا وإذا صعدنا وهو ساجد، فنحن نجد في العلم أنه يبعث يوم القيامة فيوقف بين يدي الله تعالى فيقول الرب تبارك وتعالى: أدخلوا عبدي الجنة برحمتي، فيقول العبد: بل بعملي يارب، فيقول: أدخلوا عبدي الجنة برحمتي ثلاثاً، فيقول العبد: بل بعملي يارب، فأين عبادتي خمسمائة عام فيقول الله: حاسبوا عبدي بنعمتي عليه وبعمله، فوجد نعمة البصر قد أحاطت بعبادة خمسمائه سنة، وبقيت نعمة الجسد، فيقول: فأين عبادتي؟ فيقول الله تعالى: من خلقك ألم تك شيئاً؟ فيقول: أنت يارب، فيقول: من قواك على عبادة خمسمائه سنة؟ فيقول: أنت يارب، فيقول: من أنزلك في هذا الجبل وأخرج لك عينا من الماء الزلال، وأنبت لك كل يوم رمانة، وإنما تخرج في السنة مرة، وسألتني إن أقبضك ساجداً ففعلت، قال: نعم يارب، قال الله تعالى: فأعطني حق نعمتي عليك، قال: فبهت العبد بهتة شديدة فيقول الله تعالى: خذوه إلى النار فيسحبوه حتى إذا أشرف على جهنم التفت إلى الله تعالى كالمتوسل فيقول الله وهو أعلم: ما تريد يا عبدي؟ فيقول: إلهي أنعمت علي في الدنيا برحمتك، وردني إلى الجنة برحمتك فيؤمر به إلى الجنة، ويقول جل جلاله: أدخلوا
عبدي الجنة برحمتي فنعم العبد كنت، يا عبدي إنما الأشياء برحمة الله» (١) . ذكر هذا الخبر الترمذي الحكيم في نوارد الأصول في الأصل السابع.
(١) ذكره الحكيم الترمذي في نوادر الأصول (١/٩٤) ، وأخرجه الحاكم في المستدرك (٤/٢٧٨، رقم ٧٦٣٧) وقال: صحيح الإسناد. والبيهقي فى شعب الإيمان (٤/١٥٠، رقم ٤٦٢٠) جميعاً عن جابر.