للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقها، وطلبها بغير وجهها، ووضعها في غير سلبها (١) .

مات - رضي الله عنه - في خلافة الوليد بن عبد الملك بالمدينة سنة ثلاث وتسعين «سنة الفقهاء» لكثرة من مات فيها منهم.

«عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل أي العمل أفضل قال: إيمان بالله ورسوله قيل: ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله، قيل: ثم ماذا؟ قال: جح مبرور» .

السائل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا السؤال هو أبو ذر - رضي الله عنه -.

والجهاد هو: القتال مع الكفار لأجل إعلاء كلمة الله، وإنما كان أفضل بعد الإيمان بالله ورسوله من غيره لأنه بذل النفس في سبيل الله، قال بعضهم: والجود بالنفس أقصى غاية الجود.

قال الحليمي: لولا دفع الله المشركين بالمؤمنين وتسليط المؤمنين على دفعهم عن بيضة الإسلام، لقلب الشرك على الأرض وارتفعت الديانة، فثبت أن سبب بقاء الدين هو الجهاد.

وهو أفضل من العزلة والتفرغ للعبادة فقد أخرج ابن عساكر بإسناده عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ألا أخبركم بخير الناس منزلة رجل آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، إلا أخبركم بخير الناس منزلة بعده رجل معتزل في غنم له يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويعبد الله لا يشرك به شيئاً» (٢) .

وكتب عبد الله بن المبارك إلى فضيل بن عياض وهو بمكة يحثه على الجهاد، وكان الفضيل قد اعتزل الناس ولازم العزلة والعبادة وترك الجهاد فقال:

يا عابد الحرمين لو أبصرتنا ... لعلمت إنك في العبادة تلعب

من كان يخضب خده بدموعه ... فنحورنا بدمائنا تخضب

أو كان يتعب خيله في باطل ... فخيولنا يوم الصبحية تتعب

ريح العبير لكم ونحن عبيرنا ... رهج السنابك والغبار الأطيب

ولقد أتانا من مقال نبينا ... قول صحيح صادق لا يكذب

لا يستوي وغبار خيل الله في ... أنف امرء ودخان نار تلهب


(١) أورده أبو نعيم في الحلية (٢/١٧٠) .
(٢) أخرجه أحمد في مسنده (٢/٥٢٣، رقم ١٠٧٨٩) ، والحاكم في المستدرك (٢/٧٧، رقم ٢٣٧٩) وقال: صحيح على شرط الشيخين.

<<  <  ج: ص:  >  >>