للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَدَعَهَا إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ» (١) .

قوله: «حدثنا قبيصه بن عقبة قال: حدثنا سفيان» هذا هو الإمام الكبير العالم الرباني أحد أصحاب المذاهب الستة المتبوعة، القائم بالحق غير خائف في الله لومة لائم سفيان بن سعيد الثوري منسوب إلى جده بثور الكوفي إمام أهل الكوفة، وهو تابعي التابعين ومناقبه جمة.

قال عبد الله بن المبارك: كتبت عن ألف ومائه شيخ ما كتبت عن أفضل منه (٢) .

وكان ابن المبارك يتسابق على سفيان ويقول: لما لم أطرح نفسي بين يدي سفيان ما أصنع بفلان وفلان (٣) .

وكان مولده سنة سبع وتسعين، ومن فضائله أنه قال ما استودعت فهمي شيئاً فخانني.

ومن كراماته: أن أبا جعفر المنصور بلغه أن سفيان كان يتكلم فيه بسبب ظلم الناس فكان يتطلبه، فلما حج المنصور بعث الخشابين قدامه إلى مكة، وكان سفيان في مكة فقال المنصور: إذا رأيتم سفيان فاصلبوه، فوصلوا مكة ونصبوا الخشبة، ونودي سفيان فإذا رأسه في حجر الفضيل بن عياض، ورجله في حجر ابن عينيه فقالوا: يا سفيان لا تشمت بنا الأعداء، فقام وذهب وأخذ بأستار الكعبة وقال:


(١) قال الحافظ ابن حجر: قال الشيخ محيي الدين: إنما أوردها البخاري على طريق المتابعة لا الأصالة. وتعقبه الكرماني بأنها مخالفة في اللفظ والمعنى من عدة جهات، فكيف تكون متابعة؟ وجوابه: أن المراد بالمتابعة هنا كون الحديث مخرجا في صحيح مسلم وغيره من طرق أخرى عن الثوري، وعند المؤلف من طرق أخرى عن الأعمش، منها رواية شعبة المشار إليها، وهذا هو السر في ذكرها هنا. وكأنه فهم أن المراد بالمتابعة حديث أبي هريرة المذكور في الباب، وليس كذلك إذ لو أراده لسماه شاهدا.
وأما دعواه أن بينهما مخالفة في المعنى فليس بمسلم، لما قررناه آنفاً. وغايته أن يكون في أحدهما زيادة وهى مقبولة لأنها من ثقة متقن. والله أعلم.
فائدة: رجال الإسناد الثاني كلهم كوفيون، إلا الصحابي وقد دخل الكوفة أيضاً. والله أعلم. انظر فتح الباري (١/٩١) .
(٢) أورده ابن القيسراني في تذكرة الحفاظ (١/٢٠٤) ، والذهبي في سير أعلام النبلاء (٧/٢٣٧) .
(٣) أورده الخطيب في تاريخ بغداد (٩/١٥٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>