الثالث: إن خرج من منزله طالباً للعلم نزلت الرحمة علية.
الرابع: إذا جلس في حلقة العلم فتتنزل الرحمة فينال نصيبه منها.
الخامس: ما دام في الاستماع يكتب له طاعة.
السادس: إذا استمع ولم يفهم ضاق قلبه لحرمانه عن إدراك العلم فيصير ذلك وسيلة إلى حضرة الرب سبحانه وتعالى لقوله: «أنا عند قلوب المنكسرة قلوبهم لأجلي» .
السابع: إذا حضر العاصي مجلس العلم وسمع فربما يرق قلبه ويخشع فؤاده، فيكون ذلك وسيلة إلى توبته.
فلهذا أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمجالسة العلماء، ونقل عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: أن الرجل ليخرج من منزلة وعليه من الذنوب مثل جبال تهامه، فإذا سمع العلم خاف واسترجع من ذنوبه، فينصرف إلى منزلة وليس عليه ذنب، فلا تفارقوا مجلس العلماء، فإن الله تعالى لم يخلق تربة على وجه الأرض أكرم من مجالس العلماء (١) .
قال الفقيه أبو الليث: من جلس مع الأغنياء زاده الله حب الدنيا والرغبه فيها.
ومن جلس مع الفقراء حصل له الشكر والرضا بقسمة الله.
ومن جلس مع السلاطين زاده الله القسوة والكبر.
ومن جلس مع النساء زاده الله الشهوة.
ومن جلس مع الصبيان زاده الله المزاح.
ومن جلس مع الفساق ازداد من الجراءة على الذنوب وتسويف التوبة.
ومن جلس مع الصالحين ازداد رغبة في الطاعات.
ومن جلس مع العلماء ازداد من العلم والورع.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: «من خرج يطلب باباً من العلم ليرد به باطلاً إلى الحق وضلالاً إلى الهدى كان علمه كعبادة أربعين عاماً» .
وروى أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من أحب أن ينظر إلى عتقاء الله من النار فلينظر إلى المتعلمين، فوالذي نفسي بيده ما من متعلم يختلف إلى باب العالم إلا كتب الله له بكل قدم عبادة سنة، وبني له بكل قدم مدينة في الجنة، ويمشي على الأرض والأرض تستغفر له، ويمسي ويصبح مغفوراً له، وشهدت الملائكة لهم بأنهم عتقاء
(١) انظر: إحياء علوم الدين (١/٣٤٩) .