للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منافع» (١) وكذاك النحلة كل شأنها منافع.

قال ابن الأثير: وجه المشابهة بين المؤمن والنحلة حذق النحلة وفطنته وقلة أذاه وقنوعه وسعيه في الليل وتنزهه عن الأقذار وطيب أكله، وأنه لا يأكل من كسب غيره، ونحوله وطاعته لأميره، وإن للنحل آفات تقطعه عن عمله منها: الظلمة والغيم والريح والدخان والماء والنار، وكذلك للمؤمن آفات تقطعه عن عمله: ظلمة الغفلة، وغيم الشك، وريح الفتنة، ودخان الحرام، وماء الخمر، ونار الهوى.

خاتمة لطيفة: قال في كتاب نديم الكرماء: حكي أن الجنيد قدس الله سره دخل في بعض أعوامه مكة فنزل عند امرأة عجوز من الصالحات، كان يعرفها فجلست العجوز تتوضأ فوجدت نوى تمر فأخذت واحدة فغرستها في الأرض، وصبت عليها من الماء الذي كأنت تتوضأ به، فقالت بناتها وهن يضحكن: يا أمي أتأملين أن تعيشي حتى تأكلي من هذه النواة رطباً، قال: فرفعت المرأة طرفها إلى السماء ثم قالت: اللهم أنت القادر الذي تقول للشيء كن فيكون، فأطعمني من هذه النخلة قبل موتي، قال الجنيد: أمين، ثم قام الجنيد والعجوز يصليان العصر، ثم جلسا وإن النخلة قد أخرجت الخوص، ثم الجريد، ثم الخشب، ثم أثمرت، فوالله ما برحنا حتى أكلنا من ثمرها.

ولقد أحسن من قال:

جل الذي أحكامه في البلاد ... تجري بما فيه صلاح العباد

يميت من شاء ويحيي وإن ... قال للشيء كن فيكون ما أراد

* * *


(١) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (٦/٥٠٤، رقم ٩٠٧٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>