للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرضه الذي مات فيه فلمسته فرأته قد رفع، فعرفت بذلك موته - صلى الله عليه وسلم - (١) .

ومن أسمائه «الفاتح الخاتم» فقد ورد في حديث الإسراء عن أبي هريرة من طريق الربيع بن أنس: «أن الله تعالى قال: وجعلتك فاتحاً وخاتماً» (٢) .

سمي بذلك لأنه - صلى الله عليه وسلم - فتح الله به باب الهدي بعد أن كان مرتجاً، وفتح به أعيناًٍ عمياً، وآذاناً صماً، وقلوباً غلفاً، وفتح به أمصار الكفر، وفتح به أبواب الجنة، وفتح به طرق العلم النافع، والعمل الصالح، والدنيا والآخرة، والقلوب، والأسماع، والأبصار، والأمصار.

وقيل: سمي بذلك لأنه المبدأ المقدم في الدنيا والآخرة والخاتم له كما قال عليه الصلاة والسلام: «كنت أول النبيين في الخلق، وآخرهم في البعث» (٣) .

صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً، وزاده في الدارين تشريفاً وتعظيماً.

لطيفة أخرى: قال بعض المفسرين: كان ملك سليمان صلوات الله وسلامه عليه وعزه في خاتمه، ولهذا لما ابتلاه الله بسبب الملك سلب خاتمة فسلب ملكه، قال: فقد ذكر ابن عباس في تفسير قوله تعالى: ?وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَداًّ ثُمَّ أَنَابَ? [ص: ٣٤] أن سليمان - عليه السلام - كان رجلاً غزاء يغزو في البحر والبر، فسمع بملك في جزيرة من جزائر البحر، فركب سليمان الريح هو وجنود من الجن والإنس حتى نزل تلك الجزيرة، فقتل ملكها وسبى من فيها، فوجد فيها جارية لم ير مثلها حسناً وجمالاً، وكانت ابنه الملك، فاصطفاها لنفسه، وكان يحبها أكثر من نسائه، وكان يؤثرها عليهم، فدخل عليها يوماً فقالت: إني أذكر أبي وملكه وما أصابه فيحزنني ذلك، فإني رأيت أن تأمر بعض الشياطين أن يصور لي صورة أبي في داري فأراه بكرة وعشياً، فيزول عني ما أجده، ويذهب عني حزني، فأمر سليمان «صخر» المارد فمثل لها أباها في هيئته من ناحية دارها لا ينكر منه شيء إلا أنه لا روح فيه، فعمدت إليه فزينته وألبسته حتى تركته في هيئة أبيها ولباسه، وكانت إذا خرج سليمان من عندها تدخل عليه هي وجوارهَا وتطيبه وتسجد له، وتأمر الجوار بالسجود له ثم


(١) أورده ابن كثير في البداية والنهاية (٥/٢٤٤) ، والسيوطي في الخصائص الكبرى (٢/٤٨٠) عن أسماء بنت عميس.
(٢) أخرجه البزار كما في مجمع الزوائد (١/٧٢) : رجاله موثقون إلا أن الربيع بن أنس قال عن أبي العالية أو غيره فتابعيه مجهول.
(٣) أخرجه الديلمي في الفردوس (٣/٢٨٢، رقم ٤٨٥٠) عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>