أقبلت سحابة فقال: أين تريدين فقالت: البصرة، قال: إنزلي فنزلت فصارت بين يديه، فقال: إحملي هذا حتى تؤديه إلى منزله سالماً، فلما صرت على متن السحابة قلت: اسألك بالذي أكرمك هذه الكرامة ألا ما أخبرتني عن القصر وعن الفارسين وعنك، قال: أما القصر فقد كرم الله به شهداء البحر، ووكل بهم ملائكة يلقطونهم من البحر فيصيرونهم في تلك
الصناديق مدرجين في أكفان الحرير، والفارسان ملكان يغدوان ويروحان عليهم بالسلام من الله، وأما أنا فالخضر، وقد سئلت ربي أن يحشرني مع أمة نبيكم، قال الرجل: فلما صرت من السحابة أصابني من الفزع هول عظيم حتى صرت إلى ما ترى (١) .
ومن فضائل الخضر: ما رواه أبو أمامة الباهلي - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:«ألا أحدثكم عن الخضر؟» قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «بينما الخضر يمشي في سوق من أسواق بني إسرائيل إذ لقيه رجل فقير، فقال له الرجل: تتصدق علي بارك الله فيك، فإني أرى الخير في وجهك، ورجوت الخير من قبلك، فقال له الخضر: آمنت بالله، ما يقضي الله من أمر سيكون، ما معي شيء أعطيكه، قال له السائل: أسألك بوجه الله لما تصدقت علي، قال الخضر: آمنت بالله، ما يقضي الله من أمر سيكون، ما معي شيء أعطيكه إلا أن تأخذ بيدي وتدخلني السوق فتبيعني، فقال له الرجل: وهل يكون مثل هذا؟ قال: الحق أقول إنك سألتني بعظيم، سألتني بوجه ربي، وقد أجبتك فخذ بيدي فأدخلني السوق فبعني، فأدخله السوق فباعه بأربعمائه درهم، فلبث الخضر عند المبتاع أياماً لا يستعمله في شيء، فقال له الخضر: استعملني، فقال له: إنك شيخ كبير وأكره أن أشق عليك، قال: لا يشق علي ذلك، قال: نعم فانقل هذه الحجارة من ها هنا إلى هنا، وكانت لا ينقلها إلا ستة نفر في يوم تام، فقام ونقلها في ساعة واحدة، وأيده الله تعالى بملك من الملائكة على نقلها، فتعجب الرجل منه وقال: أحسنت، ثم عرض للرجل سفر فقال للخضر: إني أراك أميناً ناصحاً فاخلفني في أهلي، قال: نعم إن شاء الله تعالى، فاستعملني في شيء قال: أكره أن أشق عليك قال: لا يشق علي ذلك، قال: اضرب لبنا أريده لقصر لي ووصفه له، ثم خرج لسفره فلما قضى حاجته ورجع من سفره إذا هو بالخضر قد شيد بنيانه على ما أراد، فازداد منه تعجباً وقال له: من أنت؟ قال: أنا المملوك