وتطلق ويراد بها: خلق من خلق الله، لا ينزل ملك إلى الأرض إلا نزل معه.
وتطلق ويراد بها: مَلَك عظيم يقوم وحده فيكون صفاً، وتقوم الملائكة صفاً، قال تعالى: ?يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفاًّ? [النبأ: ٣٨] .
وتطلق ويراد بها الروح التي في الجسد.
فهذه أحد عشر معنى للروح.
والفائدة الثالثة: اختلف العلماء في المراد بالروح المسئول عنها في الآية من هذه المعاني، فقيل: عيسى بن مريم، كأنهم سألوه عنه فقال لهم: هو من أمر الله لا كما تقوله النصارى فيه.
وأكثر المفسرين والعلماء على أن الروح المسئول عنها هي: الروح التي في الجسد سألوه عن حقيقتها وكيفية امتزاجها في الجسم فقال لهم في الجواب: «هي من أمر ربي» أي: ما استأثر الله بعلمه، أي: اختص بعلمه ولم يطلع عليها أحد من خلقه.
قال بعضهم: قال أكثر أهل العلم: وليس في الآية دليل على أن الروح أي: روح الجسد لا تعلم، ولا أنه عليه الصلاة والسلام لم يكن يعلمها، ولكن إنما أمره الله تعالى أن يقول لهم:«هي من أمر ربي» ولم يعينها لهم لأمرين:
أحدهما: أنه كان عندهم في التوراة أن الروح من أمر الله تعالى، لا يطلع عليها أحداً، فقالت اليهود: نسأله عنها فإن أجاب فليس بنبي، وإن لم يجب فهو صادق، فلما سألوه لم يجبهم بل انتظر حتى نزلت عليه الآية، فأخبرهم أنها من أمر الله، فقالوا: هكذا نجده عندنا.
الأمر الثاني: إنما قال لهم: «هي من أمر الله» لأنهم قصدوا تعجيزه وتغليطة، فإن الروح لما كانت مشتركة بين المعاني التي قدمنا ذكرها، قصدوه أن يسألوه فبأي معنى من المعاني أجاب قالوا: ليس هذا، فأمره الله تعالى أن يجيبهم جواباً مجملاً، فإن أمر ربي يصدق على كل واحدة من مسميات الروح.
واعلم أنه قد افترق الناس فيها فرقتين، فرقة أمسكت عن الكلام فيها، لأنها سر من أسرار الله تعالى لم يؤت علمه لبشر، وهذه الطريقة هي المختارة.