للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصلاة، وإن قدم المأموم رجليه على الإمام.

ومنها: أن فيه دلالة على أنه يستحب المبيت عند العالم ليراقب أفعاله فيقتدي به وينقلها.

ومنها: أن فيه دلالة على أن النافلة كالفريضة في تحريم الكلام فيها.

ومنها: أن فيه دلالة على أن من الأدب أن يمشي الصغير عن يمين الكبير، والمفضول عن يمين الفاضل.

ومنها: أن فيه دلالة على أن الفعل القليل لا يبطل الصلاة بخلاف الكثير، فالفعل القليل كالضربتين والخطوتين، والكثير كثلاث ضربات وثلاث خطوات.

نعم لنا شخص خطى في صلاته خطوة واحدة بل بعض خطوة بطلت صلاته، ولنا آخر خطى عشرين خطوة بل ألف خطوة وأكثر لم تبطل.

وصورة الأولى: إذا نوى أن يخطو ثلاث خطوات متواليات فخطى منها خطوة بطلت صلاته، وكذا لو شرع فيها عملاً بنيته.

وصورة الثانية: إذا خطى في صلاته خطوتين مثلاً ووقف ثم خطوتين ووقف وهكذا إلى مائة خطوة وأكثر لا تبطل لأن الثلاثة تبطل إذا توالت، وإن تفرقت فلا.

من القليل الإشارة برد السلام، واللبس الخفيف كلبس خاتم أو نعل، وقتل قمله فلا تبطل الصلاة بشيء من ذلك، ودم القملة معفو عنه بخلاف جلدها فلا يعفى عنه.

ومنها: أن فيه دلالة على أنه ينبغي للمعلم أن يفتل أذن المتعلم كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بابن عباس لما أداره وحوَّلة إلى جهة يمينه، كما جاء في بعض الروايات أنه - صلى الله عليه وسلم - أخذ بأذنه اليمنى ففتلها (١) .

وإنما فتل النبي - صلى الله عليه وسلم - أذنه ليحرضه على الفهم، ولينفي عنه النوم، فإنه أعجبه قيامه معه مع صغر سنه.

ويقال: إن المعلم إذا تعهد فتل أذن المتعلم كان أذكى لفهمه.

قال الربيع تلميذ الشافعي: ركب الشافعي يوماً فمشيت بركابه، ولصقت بسرجه، فجعل يفتل شحمة أذني فاستعظمت ذلك منه حتى وقفت على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعله مع ابن عباس، فعلمت أنه فعله عن أصل.


(١) هذه الرواية أخرجها ابن خزيمة (٣/٨٨، رقم ١٦٧٥) وأحمد (١/٢٤٢، رقم ٢١٦٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>