للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: «إلى أهله» كناية عن الجماع أي: جماع حلاله، زوجته أو أمته.

وقوله: «ما رزقتنا» مفعول ثاني «لجنب» والعائد على الموصول محذوف، وهو ضمير مفعول الثاني للرزق، والمراد به الولد، وإن كان اللفظ أعم من ذلك أي: احفظ الولد الذي رزقناه من الشيطان.

وقوله: «فقضي بينهما» ضمير راجع إلى الأحد والأهل والقضاء يأتي لمعانٍ ذكر العسكرى أنه أتى منها في القرآن اثنى عشر معنى، والمناسب من معاينة هنا التقدير أو الحكم، فمعنى: «فقضي بينهما ولد» أي: فحكم أو فقدر.

وقوله: «لم يضره» جواب «لو» وهو بضم الراء على الأفصح والضمير المستتر راجع إلى الشيطان، والبارز إلى الولد أي: لو ثبت قول أحدكم «بسم الله» عند إتيان الأهل لم يضر الشيطان ذلك الولد أي: لا يكون له عليه سلطان ببركة اسمه - عز وجل -، ويكون من جملة العباد المحفوظين المذكورين في قوله تعالى: ?إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ? [الحجر: ٤٢] .

وقيل: معنى «لم يضره» لم يصرعه وهو بعيد.

وقيل: معناه لم يطعن فيه الشيطان عند ولادته، وهو بعيد أيضاً، لأنه لم يسلم من طعنة الشيطان عند الولادة أحد سوى مريم بنت عمران وولدها عيسى عليهما السلام، كما يفيد ذلك ظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان إلا مريم وابنها» (١) .

قال النووي: ظاهر هذا الحديث اختصاص هذه الفضيلة بعيسى وأمه، لكن أشار القاضي عياض إلى أن جميع الأنبياء يشاركونهما فيها.

وقيل: معناه لم يضره في بدنه ويحتمل وفي دينه، ورد بأنه غير معصوم.

وقيل: معنى «لم يضره» لم يفتنه بالكفر.

ويستفاد من هذا الحديث فوائد كثيرة بعضها متعلق بالتسمية، وبعضها متعلق بالجماع، وبعضها متعلق بالولد، وبعضها متعلق بالشيطان لا بأس من ذكرها وذكر فوائد أخرى معها مناسبة:

الأولى: في الحديث دلالة على استحباب التسمية والوضوء والدعاء في ابتداء


(١) أخرجه مسلم (٤/١٨٣٨ رقم ٢٣٦٦) ، وأحمد (٢/٢٣٣، رقم ٧١٨٢) ، وابن أبي شيبة (٦/٢٨٨، رقم ٣١٤٩٦) عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>