للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال تعالى ?فَمَا مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ? [التوبة: ٣٨] .

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يحمي عبده الدنيا، وهو يحميه كما تحمون مريضكم الطعام والشراب» (١) .

وعن البراء بن عازب (٢) عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن لله خواص يسكنهم الرفيع من الجنان في أعلى عليين كانوا أعقل الناس» قلنا: يا رسول الله كيف كانوا أعقل الناس؟ قال «كان همهم المسابقة إلى الله تعالى والمسارعة إلى ما يرضيه، زهدوا في الدنيا وفي فضولها في رياستها ونعيمها، فهانت عليهم فصبروا قليلاً فاسترحوا طويلاً» (٣) .

وذكر القرطبي: أن رجلاً قال: يا رسول الله أخبرني بجلساء الله يوم القيامة؟ قال: «هم الخائفون الخاضعون المتواضعون الذاكرون الله كثيراً» قال: فهم أول الناس دخولاً الجنة؟ قال: «لا» قال: فمن أول الناس يدخلون؟ قال: «الفقراء يسبقون الناس إلى الجنة، فتخرج إليهم الملائكة فيقولون: ارجعوا إلى الحساب فيقولون: على ما نحاسب ما أُفيضت علينا من الأموال في الدنيا فنقبض ونبسط، وما كنا أمراء نعدل ونجور، ولكن جاءنا أمر الله فعرفناه حتى أتانا اليقين» (٤) .

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - «اتقوا الله فإنه يقول يوم القيامة: أين صفوتي من خلقي فتقول الملائكة: من هم يا ربنا فيقول: الفقراء الصابرون الصادقون الراضون بقدري، أدخلوهم الجنة، فيدخلون الجنة، ويأكلون ويشربون، والأغنياء في الحساب يترددون» (٥) .

قال العلامي في تفسيره (٦)

: «إن إبليس يعرض الدنيا على من يريدها كل يوم،


(١) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (٧/٣٢١، رقم ١٠٤٥٠) عن محمود بن لبيد، ولم نقف عليه عند غيره.
(٢) هو: البراء بن عاز ب بن الحارث الخزرجي، أبو عمارة: قائد صحابي من أصحاب الفتوح، أسلم صغيراً وغزا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمس عشرة غزوة، أولها غزوة الخندق، ولما ولي عثمان الخلافة جعله أميراً على الري بفارس سنة ٢٤هـ‍، فغزا أبهر غربي قزوين وفتحها، ثم قزوين فملكها، وانتقل إلى زنجان فافتتحها عنوة، وعاش إلى أيام مصعب ابن الزبير فسكن الكوفة واعتزل الأعمال. وتوفي في زمنه سنة:٧١ هـ‍، روى له البخاري ومسلم.
(٣) رواه أبو نعيم في حلية الأولياء (١/١٧) ، والحارث في مسنده (٢/٨١٤، رقم ٨٤٤) عن البراء.
(٤) رواه أبو نعيم في حلية الأولياء (٨/١٤٣) ، وابن المبارك في كتاب الزهد (١/٨٠، رقم ٢٨٣) عن سعيد بن المسيب مرسلا.
(٥) لم نقف عليه.
(٦) هكذا بالأصل: «العلامي» ، ويوجد في المصادر أن هناك تفسيراً يسمى بتفسير العلامي وهو مشهور بهذا الاسم إلا أنه من تصنيف القطب الشيرازي، قال في كشف الظنون (٢/١٢٣٥) : فتح المنان في تفسير القرآن وهو كبير في أربعين مجلداً للعلامة قطب الدين محمود بن مسعود الشيرازي المتوفى سنة عشر وسبعمائة وهو المعروف بتفسير العلامي، وانظر أيضاً في ذلك أبجد العلوم (٢/١٨٦) .
ولم يترجم له الحافظ السيوطي في طبقات المفسرين (١/١٩٨، ترجمة: ٢٣٩) وإنما ترجم لرجل آخر قال فيه: محمود بن محمد الشيرازي الشهير بابن العلائي، العالم الفاضل العلامة قطب الدين أبو الفضل كان ماهراً في التفسير وصنف: فتح المنان في تفسير القرآن، توفي سنة إحدى وثمانين وخمسمائة.
فيحتمل أن يكون قد وقع تصحيف في الأصل من ابن العلائي إلى العلامي، ويحتمل أن يكون الشيرازي نفسه مشهوراً بهذه النسبة فأطلقوا على تفسيره هذا الاسم، كما في أبجد العلوم وكشف الظنون، ومن الممكن أن يكونا شخص واحد وأخطأت المصادر في سنة الوفاة فالأول توفي سنة ٧١٠، والثاني سنة ٥٨١. والله أعلم.
انظر في ترجمة قطب الدين محمود بن مسعود الشيرازي طبقات الشافعية الكبرى (١٠/٣٨٦، ترجمة: ١٤١٠) ، والدرر الكامنة (٦/١٠٠، ترجمة: ٢٢٧١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>