فللأصوليين في تقريره عباراتٌ، منها ما قاله القرطبي في:"تفسيره": (وذلك أن الله لم يخلق ما في الأرض إلا لحكمة، إذ ضد ذلك العبث، وهو منزه عنه.
والحكمة إما أن تكون للتلذذ به، أو الانتفاع به، أو الاختبار به، أو التفكر فيه، وكلها لا تصح إلا بالتذوق، وهو دليل الإباحة) .
فائدة:
خالف عامة العلماء وأكثرهم بعضُ المتأخرين في مسألتنا السابقة؛ حيث قالوا:(إن الأصل في ذلك: الحظر والمنع) ، ونسبه ابن نجيم في:"الأشباه والنظائر" إلى بعض أصحاب الحديث، وعزاه الموفق في:"الروضة" إلى حسن بن حامد الورّاق -شيخ الحنابلة المعروف-، وبعض المعتزلة، وهو اختيار القاضي أبي يعلى الفرّاء كما في:"العدة".
وحجتهم في ذلك أن التصرف في ملك الغير ممنوع إلا بإذنه، وهذا منه.
واعترض على ذلك، بأنه لو سُلِّم لهم بهذه المقدمة؛ لقيل: إن الله أَذِن كما في الآية والحديث السابقين.
وليُعلم أن محل النزاع في هذه المسألة هو ما كان خالصاً من الضُّر، أو كان الغالب للنفع فيه من مختلف الأعيان التي تختلف أوصافها؛ لأن ما كان ضراً محضاً، أوالغالب عليه الضر فهو محرَّمٌ