للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأسمى الأخلاق، ومنها التواضع الجم، فكان على جلالة قدره وعلوٌ مكانه- يجيب دعوة الكبير والصغير، والذكر والأنثى، والغنيً والفقير، يريد بذلك الأهداف السامية، والمقاصد الجليلة من جبر قلوب البائسين، والتواضع للمساكين، وتعليم الجاهلين، إلى غير ذلك من مقاصده الحميدة.

فجاء إلى هذه الداعية، وأكل من طعامها.

ثم اغتنم هذه الفرصة ليعلم هؤلاء المستضعفين الذين ربما لا يزاحمون الكبار على مجالسه المباركة، فأمرهم بالقيام ليصلى بهم، حتى يتعلموا منه كيفية الصلاة. فعمد أنس إلى حصير قديم، قد اسود من طول المكث، فغسله بالماء، فقام عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بهم.

وصفَّ أنس، ويتيم معه، صفاً واحداً خلف النبي صلى الله عليه وسلم، وصفَّتِ العجوز-صاحبة الدعوة- من وراء أنس واليتيم، تصلى معهم.

فصلى بهم ركعتين، ثم انصرف صلى الله عليه وسلم بعد أن قام بحق الدعوة والتعليم. صلى الله عليه وسلم، وَمنَّ الله علينا باتباعه في أفعاله وأخلاقه.

اختلاف العلماء:

ذهب الجمهور إلى صحة مُصَافَة الصبيِّ في صلاتَي الفرض والنافلة، مستدلين بهذا الحديث الصحيح لأن أنس وصف صاحبه باليتيم.

والمشهور من مذهب الحنابلة، صحة مصافّته في النفل، عملا بهذا الحديث وعدم صحة مصافته في الفرض.

وقد تقدم أن الأحكام الواردة لإحدى الصلاتين تكون للأخرى، لأن أحكامهما واحدة.

ومن خص إحداهما بالحكم فعليه الدليل، ولا مخصص.

لذا، فالصحيح ما عليه الجمهور، وقد اختاره ابن عقيل من الحنابلة وصوبه ابن رجب في القواعد.

ما يؤخذ من الحديث:

١- صحة مصافة الذي لم يبلغ في الصلاة، لأن اليتيم يطلق على من مات أبوه ولم يبلغ.

٢- أن الأفضل في موقف المأمومين، أن يكونوا خلف الإمام.

٣- أن موقف المرأة، يكون خلف الرجال.

<<  <   >  >>