للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه [نزل تحريم الخمر وهي من العنب، والتمر، والعسل، والحنطة، والشعير والخمر ما خامر العقل] متفق عليه.

وأما اللغة، فقد قال صاحب القاموس (الخمر: ما أسكر من عصير العنب، أو هو عامَ) والعموم أصح لأنها حرمت وما بالمدينة خمر عنب، وكان شرابهم البسر والتمر) .

وقال الخطابي: (زعم قوم أن العرب لا تعرف الخمر إلا من العنب، فيقال لهم: إن الصحابة الذين سموا غيرِ المتخذ من العنب خمرا، عرب فصحاء. ولو لم يكن هذا الاسم صحيحا، لما أطلقوه) .

ومن أحسن ما ينقل من كلام العلماء في هذه المسألة، ما قاله القرطبي: (الأحاديث الواردة عن أنس وغيره- على صحتها وكثرتها- تبطل مذهب الكوفيين القائلين بأن الخمر لا يكون إ لا من العنب، وما كان من غيرهْ لا يسمى خمرا ولا يتناوله اسم الخمر.

وهو قول مخالف للغة العرب، وللسنة الصحيحة، وللصحابة، لأنهم- لما نزل تحريم الخمر- فهموا من الأمر بالاجتناب، تحريم كل ما يسكر.

ولم يفرقوا بين ما يتخذ من العنب وبين ما يتخذ من غيره. بل سووا بينهما، وحرموا كل ما يسكر نوعه.

ولم يتوقفوا، ولم يستفصلوا ولم يشكل عليهم شيء من ذلك، بل بادروا إلى إتلاف ما كان من غير عصير العنب، رهم أهل اللسان، وبلغتهم نزل القرآن

فلو كان عندهم تردد، لتوقفوا عن الإراقة حتى يستفصلوا ويتحققوا التحريم.

ثم ساق القرطبي الأثر المتقدم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

وهذا كلام جيد، يقطع شبهة المخالف، والله الموفق.

بَابُ التعزير (١)

التعزير- لغة- هو مصدر (عزَّر) وأصل العز ر: المنع، فأخذ منه، لأنه يمنع من الوقوع في المعصية.

وشرعاً: - التأديب على ذنب لا حد فيه ولا كفارة، كالاستمتاع من المرأة بما دون الفرج، أو السرقة من غيرِ حرز، والقذف بغير الزنا، والمعاصي التي لم يقدر لها حدود، هي الكثرة الغالبة.

أما ما فيه حدّ مقدر من الشارع، فهو القليل المحصور، وسيأتي إن شاء الله تعالى الكلام على مقدار هذه العقوبة والخلاف فيه.


(١) وضعت هذه الترجمة، لأنها المقصودة من هذا الحديث- اهـ- شارح.

<<  <   >  >>