للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باتباع محمد صلى الله عليه وسلم والذين لم يروا إفطار المحجوم احتجوا بما ثبت في الصحيح من أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم محرم. وأحمد وغيره طعنوا في هذه الزيادة وهي قوله: "وهو صائم" وقالوا: الثابت أنه احتجم وهو محرم، وبأنه بأي وجه أراد إخراج الدم فقد أفطر.

والسواك جائز بلا نزاع، لكن اختلف العلماء في كراهيته بعد الزوال، ولكن لم يقم على تلك الكراهية دليل شرعي يصلح أن يخصص عموم نصوص السواك.

وذوق الطعام يكره لغير حاجة، لكن لا يفطر. وأما للحاجة فلا يكره.

بَاب الصَّوم في السَّفر

جاءت هذه الشريعة بالأحكام الميسرة السمحة تحقيقاً لقوله تعالى: {مَا جَعَلَ عَلَيْكُم في الدِّيْنِ مِنْ حَرَج} وقوله: {يُرِيدُ الله بِكُم اليسر ولا يُريِدُ بِكُمُ العُسْرَ} .

فلما كان السفر- غالباً- فيه مشقة وصعوبة، وأنه قطعة من العذاب، خفف فيه.

ومن تلك التخفيفات، الرخصة في الفطر في نهار رمضان.

وهي رخصة مستحبة، لقوله صلى الله عليه وسلم: " لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ في السَّفَرِ".

وهى رخصة، تعم الذي يناله بالسفر مشقة، وغيره ممن تكون أسفارهم راحة ومتعة، لأن الحكم للغالب.

وبمثل هذه الأحكام اللطيفة نعلم مدى ما تراعيه هذه الشريعة الكريمة من تخفيف ورحمة وملاءمة للأوقات والظروف، بمطالبة الناس بقدر ما يستطيعون.

رضينا بالله ربا، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً.

الحديث الأول

عَنْ عَائِشَةَ رَضْيَ الله عَنْهَا: أنَ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرو الأسلمي، قال للنبي صلى الله عليه وسلم:

أأصُوْمُ في السًفَرِ (وكان كثير الصيام) .

قال: " إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإنْ شِئْتَ فَأَفْطِر".

المعنى الإجمالي:

علم الصحابة رضي الله عنهم أن الشارع الرحيم، ما رخص في الفطر في السفر إلا رحمة بهم وإشفاقاً

<<  <   >  >>