للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَابُ قضَاء الصَّلاة الفائتة وتعجيلها

عَنْ أنَس بْنِ مَالِكٍ رَضيَ الله عَنْهُ قال: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:

" مَنْ نَسىَ صَلاةً فَلْيصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا، لا كَفَّارَةَ لَهَا إِلاّ ذلكَ وَتَلا قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَأقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِى} ولـ" مسلم" "من نَسىَ صَلاةً أوْ نَامَ عَنْهَا فَكَفَّارَتُهَا أنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا".

المعنى الإجمالي:

الصلاة لها وقت محدد في أوله وآخره، لا يجوز تقديم الصلاة قبله، كما لا يجوز تأخيرها عنه في حق العامد.

فإذا نام عن الصلاة، أو نسيها حتى خرج وقتها، فقد سقط عنه الإثم لعذره.

وعليه أن يبادر إلى قضائها عند ذكره لها ولا يجوز تأخيرها فإن كفارة ما وقع لها من التأخير، المبادرة في قضائها ولذا قال تعالى: {وَأقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِى} فتلاوة النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية عند ذكر هذا الحكم، يفيد أن المراد من معناها أن تقام الصلاة عند تذكرها (١) .

ختلاف العلماء:

اختلف العلماء: هل تجب المبادرة إلى فعلها عند ذكرها، أو يجوز تأخيرها؟ فذهب الجمهور من العلماء: إلى وجوب المبادرة ومنهم الأئمة الثلاثة، أبو حنيفة، ومالك، وأحمد، وأتباعهم.

وذهب الشافعي إلى استحباب قضائها على الفور ويجوز تأخيرها.

واستدل الشافعي بأنه صلى الله عليه وسلم -حين نام هو وأصحابه- لم يصلوها في المكان الذي ناموا فيه، بل أمرهم، فاقتادوا رواحلهم إلى مكان آخر، فصلَّى فيه، ولو كان القضاء واجبا على الفور، لصلوه في مكانهم.

واحتج الجمهور بحديث الباب، حيث رتب الصلاة على الذكر.

وأجابوا عن استدلال الشافعي بأنه ليس معنى الفورية عدم التأخر قليلا لبعض الأغراض التي تكمل الصلاة وتزكيها، فإنه يجوز التأخير اليسير لانتظار الجماعة، أو تكثيرها ونحو ذلك.

هذا وقد أطال في هذا " ابن القيم " رحمه الله في كتاب " الصلاة " وفنَّد الرأي القائل بجواز التأخير.

واختلفوا في تاركها عمداً حتى خرج وقتها: هل يقضيها أو لا؟


(١) وهذا وجه مناسبة تلاوة الآية بعد ذكر هذه الحال.

<<  <   >  >>