للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسألخص هذا الموضوع من كلام " ابن القيم " في كتاب " الصلاة " فقد أطال الكلام فيه.

قد اتفق العلماء على حصول الإثم العظيم الذي يلحق من أخرها لغير عذر حتى خرج وقتها.

ولكن ذهب الأئمة الأربعة إلى وجوب القضاء عليه مع استحقاقه العقوبة إلا أن يعفو الله عنه.

وقالت طائفة من السلف والخلف: من تعمد تأخير الصلاة عن وقتها من غير عذر، فلا سبيل له إلى قضائها أبداً، ولا يقبل منه، وعليه أن يتوب توبة نصوحا، فيكثر من الاستغفار ونوافل الصلوات.

استدل موجبو القضاء، بأنه إذا كان القضاء واجبا على الناسي والنائم، وهما معذوران، فإيجابه على غير المعذور العاصي من باب أولى.

وأيضاً، فإن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى العصر بعد المغرب يوم الخندق هو وأصحابه، ومعلوم أنهم كانوا غير نائمين لا ساهين، ولو حصل السهو من بعضهم، ما حصل منهم جميعاً.

وانتصر لوجوب القضاء أبو عمر بن عبد البر.

ومن الذاهبين إلى عدم القضاء، الظاهرية، وشيخ الإسلام "ابن تيمية "و" ابن القيم" وقد أطال في كتاب " الصلاة " في سَوْق الأدلة، وردّ حجج المخالفين.

ومن تلك الأدلة، المفهوم من هذا الحديث، فإن منطوقه وجوب القضاء على النائم والناسي، ومفهومه أنه لا يجب على غيرهما، وأن أوامر الشرع على قسمين: ١- مطلقة. ٢- ومؤقتة، كالجمعة، ويوم عرفة.

فمثل هذه العبادات، لا تقبل إلا في أوقاتها، ومنها: الصلاة المؤخرة عن وقتها بلا عذر.

وقوله صلى الله عليه وسلم" مَنْ أدرَكَ ركعةً مِنَ العَصرِ قَبْلَ أنْ تَغْرُبَ الشمسُ فَقَدْ أدرَكَ العَصرَ" ولو كان فعلها بعد المغرب صحيحاً مطلقاً، لكان مُدرِكاً، سواء أدرك ركعة أو أقل من ركعة، أم لم يدرك شيئاً، والمقاتلون أُمِرُوا بالصلاة في شدة القتال، كل ذلك حرصا على فعلها في وقتها، ولو كان هناك رخصة لأخرُوها، ليؤدوها بشروطها وأركانها، التي لا يمكن القيام بها مع قيام القتال، مما دل على تقديم الوقت على جميع ما يجب للصلاة، وما يشترط فيها.

<<  <   >  >>