للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ اللِّعَان

اللعان: مشتق من اللعن، وهو الطرد والإبعاد.

فيكون هذا الكتاب سمى (كتاب اللعان) إما مراعاة للفظ، لأن الرجل يلعن نفسه في الخامسة من الشهادات على صدق دعواه.

واشتق من دعاء الرجل باللعن لا من دعاء المرأة (بالغضب) لتقدم اللعن على الغضب في الآيات.

وإما مراعاة للمعنى -وهو الطرد والإبعاد- لأن الزوجين يفترقان بعد تمامه، فُرْقَةً لا اجتماع بعدها.

وتعريفه شرعاً: أنه شهادات مؤكدات بأيْمَانٍ من الزوجين، مقرونة بلعن أو غضب، والأصل فيه، الكتاب والسنة، والإجماع.

فأما الكتب فقوله تعالى: {وَالًذِينَ يَرْمُونَ أزْوَاجَهُمْ وَلم يَكُنْ لهم شهداء إلا أنْفُسُهُمْ} الآية.

وأما السنة، فمثل حديث الباب. وقد أجمع عليه العلماء في الجملة.

حكمته التشريعية:

الأصل أنه من قذف محصنا بالزنا صريحا فعليه إقامة البينة، وهي أربعة شهود.

وإن لم يأت بهؤلاء الشهود، فعليه حَدُّ القذف، ثمانون جلدة، كما قال تعالى: {والَّذِينَ يَرمُونَ المُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَم يَأتوا بأربعة شُهَدَاءَ فَاجْلِدوهُمْ ثَمَانِينَ جَلدَة} استثنى من هذا العموم إذا قذف الرجل زوجته بالزنا، فعليه إقامة البينة -أربعة شهود- على دعواه.

فإن لم يكن لديه أربعة شهود، فَيدْرَأ عنه حدَّ القذف أن يحلف أربع مرات: إنه لمن الصادقين فيما رماها به من الزنا، وفي الخامسة، يلعن نفسه، إن كان من الكاذبين.

وذلك أن الرجل إذا رأى الفاحشة في زوجه، فلا يتمكن من السكوت، كما لو رآه من الأجنبية، لأن هذا عار عليه، وفضيحة له، وانتهاك لحرمته.

ولا يقدم على قذف زوجه إلا من تحقق، لأنه لن يقدم على هذا إلا بدافع الغَيرَة الشديدة، إذ أن العار واقع عليهما، فيكون هذا مقويا لصحة دعواه.

<<  <   >  >>